للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً ٢١: ٥٨ أَيْ حُطَامًا كَسَّرَهَا كُلَّهَا إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ ٢١: ٥٨ قِيلَ إِنَّهُ وَضَعَ الْقَدُومَ فِي يَدِ الْكَبِيرِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ غَارَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ هَذِهِ الصِّغَارُ. فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِيدِهِمْ وَوَجَدُوا مَا حَلَّ بِمَعْبُودِهِمْ قالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ٢١: ٥٩ وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يعقلون وهو ماحل بِآلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا فَلَوْ كَانَتْ آلِهَةً لَدَفَعَتْ عَنْ أَنْفُسِهَا مَنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ لَكِنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جَهْلِهِمْ وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ وَكَثْرَةِ ضَلَالِهِمْ وَخَبَالِهِمْ مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ. قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) ٢١: ٥٩- ٦٠ أَيْ يَذْكُرُهَا بِالْعَيْبِ وَالتَّنَقُّصِ لَهَا وَالِازْدِرَاءِ بِهَا فَهُوَ الْمُقِيمُ عَلَيْهَا وَالْكَاسِرُ لَهَا. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْ يَذْكُرُهُمْ بِقَوْلِهِ وتاللَّه لَأَكِيدَنَّ أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين (قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) ٢١: ٦١ أَيْ فِي الْمَلَأِ الْأَكْبَرِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ مَقَالَتَهُ وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ وَيُعَايِنُونَ مَا يَحِلُّ بِهِ مِنَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ وَكَانَ هَذَا أَكْبَرَ مَقَاصِدِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَيُقِيمَ عَلَى جَمِيعِ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ الْحُجَّةَ عَلَى بُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفِرْعَوْنَ (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) ٢٠: ٥٩ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَجَاءُوا بِهِ كَمَا ذَكَرُوا (قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنا يَا إِبْراهِيمُ. قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) ٢١: ٦٢- ٦٣ قِيلَ مَعْنَاهُ هُوَ الْحَامِلُ لِي عَلَى تَكْسِيرِهَا وإنما عرض لهم في القول (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ٢١: ٦٣ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى القول بأن هَذِهِ لَا تَنْطِقُ فَيَعْتَرِفُوا بِأَنَّهَا جَمَادٌ كَسَائِرِ الْجَمَادَاتِ فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ) ٢١: ٦٤ أَيْ فَعَادُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْمَلَامَةِ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ٢١: ٦٤ أَيْ فِي تَرْكِهَا لَا حَافِظَ لَهَا وَلَا حارس عندها (ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) ٢١: ٦٥ قَالَ السُّدِّيُّ أَيْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْفِتْنَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ٢١: ٦٤ أَيْ فِي عِبَادَتِهَا وَقَالَ قَتَادَةُ أَدْرَكَتِ الْقَوْمَ حَيْرَةُ سَوْءٍ أَيْ فَأَطْرَقُوا ثُمَّ قَالُوا (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) ٢١: ٦٥ أَيْ لَقَدْ عَلِمْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَنَّ هَذِهِ لَا تَنْطِقُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا بِسُؤَالِهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ.

أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله أَفَلا تَعْقِلُونَ) ٢١: ٦٦- ٦٧ كما قال (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) ٣٧: ٩٤ قَالَ مُجَاهِدٌ يُسْرِعُونَ قَالَ (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) ٣٧: ٩٥ أَيْ كَيْفَ تَعْبُدُونَ أَصْنَامًا أَنْتُمْ تَنْحِتُونَهَا مِنَ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ وَتُصَوِّرُونَهَا وَتُشَكِّلُونَهَا كَمَا تُرِيدُونَ (وَالله خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ٣٧: ٩٦ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَا مَصْدَرِيَّةً أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي فَمُقْتَضَى الْكَلَامِ أَنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ وَهَذِهِ الْأَصْنَامَ مَخْلُوقَةٌ فكيف يعبد مخلوق لمخلوق مِثْلَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِبَادَتُكُمْ لَهَا بِأَوْلَى مِنْ عِبَادَتِهَا لَكُمْ وَهَذَا بَاطِلٌ فَالْآخَرُ بَاطِلٌ لِلتَّحَكُّمِ إِذْ لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ تَصْلُحُ وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِلْخَالِقِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ (قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ. فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) ٣٧: ٩٧- ٩٨. عَدَلُوا عَنِ الْجِدَالِ وَالْمُنَاظَرَةِ لَمَّا انْقَطَعُوا وَغُلِبُوا وَلَمْ تَبْقَ لَهُمْ حَجَّةٌ وَلَا شُبْهَةٌ إِلَى اسْتِعْمَالِ قُوَّتِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ لِيَنْصُرُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ سَفَهِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ فَكَادَهُمُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ وَدِينَهُ وَبُرْهَانَهُ كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>