أتيناك كيما يعلم الناس فضلنا … إذا اختلفوا عند احتضار المواسم
بأنّا فروع الناس في كل موطن … وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
وأنا نذود المعلمين إذا انتخوا … ونضرب رأس الأصيد المتفاقم
وإن لنا المرباع في كل غارة … تغير بنجد أو بأرض الأعاجم
قال فقام حسان فأجابه فقال:
هل المجد إلا السؤدد العود والندى … وجاه الملوك واحتمال العظائم
نصرنا وآوينا النبي محمدا … على أنف راض من معد وراغم
بحي حريد أصله وثراؤه … بجابية الجولان وسط الأعاجم
نصرناه لما حل بين بيوتنا … بأسيافنا من كل باغ وظالم
جعلنا بنينا دونه وبناتنا … وطبنا له نفسا بفيء المغانم
ونحن ضربنا الناس حتى تتابعوا … على دينه بالمرهفات الصوارم
ونحن ولدنا من قريش عظيمها … ولدنا نبي الخير من آل هاشم
بنى دارم لا تفخروا إن فخركم … يعود وبالا عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم … لنا خول من بين ظئر وخادم
فان كنتم جئتم لحقن دمائكم … وأموالكم أن تقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا … ولا تلبسوا زيا كزى الأعاجم
قال ابن إسحاق: فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله، قال الأقرع بن حابس: وأبى إن هذا لمؤتى له لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلا من أصواتنا. قال فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله ﷺ فأحسن جوائزهم، وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم في رحالهم وكان أصغرهم سنا، فقال قيس بن عاصم - وكان يبغض عمرو بن الأهتم - يا رسول الله إنه كان رجل منافى رحالنا وهو غلام حدث وأزرى به، فأعطاه رسول الله ﷺ مثل ما أعطى القوم، قال عمرو بن الأهتم حين بلغه أن قيسا قال ذلك يهجوه:
ظللت مفترش الهلباء تشتمني … عند الرسول فلم تصدق ولم تصب
سدناكم سؤددا رهوا وسؤددكم … باد نواجذه مقع على الذنب
وقد روى الحافظ البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن الزبير الحنظليّ. قال: قدم على رسول الله ﷺ الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهتم. فقال لعمرو بن الأهتم: «أخبرنى عن الزبرقان، فاما هذا فلست