سقت الهدى فقال: رسول الله ﷺ من كان معه هدى فليهل بالحج مع عمرته لا يحل حتى يحل منهما جميعا وذكر تمام الحديث كما تقدم. والمقصود من إيراد هذا الحديث هاهنا قوله ﷺ من كان معه هدى فليهل بحج وعمرة. ومعلوم أنه ﵇ قد كان معه هدى فهو أول وأولى من ائتمر بهذا لأن المخاطب داخل في عموم متعلق خطابه على الصحيح. وأيضا فإنها قالت وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا يعنى بين الصفا والمروة.
وقد روى مسلم عنها: أن رسول الله ﷺ إنما طاف بين الصفا والمروة طوافا واحدا فعلم من هذا أنه كان قد جمع بين الحج والعمرة. وقد روى مسلم من حديث حماد بن زيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: فكان الهدى مع النبي ﷺ وأبى بكر وعمر وذوى اليسار، وأيضا فأنها ذكرت أن رسول الله ﷺ لم يتحلل من النسكين فلم يكن متمتعا وذكرت أنها سألت رسول الله ﷺ أن يعمرها من التنعيم. وقالت يا رسول الله ينطلقون بحج وعمرة وأنطلق بحج فبعثها مع أخيها عبد الرحمن بن أبى بكر فأعمرها من التنعيم ولم يذكر أنه ﵇ اعتمر بعد حجته فلم يكن مفردا. فعلم أنه كان قارنا لأنه كان باتفاق الناس قد اعتمر في حجة الوداع والله أعلم. وقد تقدم ما رواه الحافظ البيهقي من طريق يزيد بن هارون عن زكريا بن أبى زائدة عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب أنه قال اعتمر رسول الله ﷺ ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة فقالت عائشة لقد علم أنه اعتمر أربع عمر بعمرته التي حج معها وقال البيهقي في الخلافيات. أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأنا أبو محمد (١) بن حبان الأصبهاني أنبأنا إبراهيم ابن شريك أنبأنا احمد بن يونس ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن مجاهد قال سئل ابن عمر كم اعتمر رسول الله ﷺ؟ فقال مرتين فقالت: عائشة لقد علم ابن عمر أن رسول الله ﷺ اعتمر ثلاثا سوى العمرة التي قرنها مع حجة الوداع. ثم قال: البيهقي وهذا إسناد لا بأس به لكن فيه إرسال - مجاهد لم يسمع من عائشة في قول بعض المحدثين قلت كان شعبة ينكره وأما البخاري ومسلم فإنهما أثبتاه والله أعلم. وقد روى من حديث القاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر وعروة بن الزبير وغير واحد عن عائشة أن رسول الله ﷺ كان معه الهدى عام حجة الوداع وفي أعمارها من التنعيم ومصادقتها له منهبطا على أهل مكة وبيتوته بالمحصب حتى صلى الصبح بمكة ثم رجع الى المدينة. وهذا كله مما يدل على أنه ﵇ لم يعتمر بعد حجته تلك ولم أعلم أحدا من الصحابة نقله. ومعلوم أنه لم يتحلل بين النسكين ولا روى أحد أنه ﵇ بعد طوافه بالبيت وسعيه بين الصفا والمروة حلق ولا قصر ولا تحلل بل استمر على إحرامه باتفاق ولم ينقل أنه أهل بحج لما سار الى منى فعلم أنه لم يكن متمتعا. وقد اتفقوا على أنه ﵇ اعتمر عام حجه الوداع فلم يتحلل بين النسكين ولا