قال النبي ﷺ ولم يكن لهم يومئذ حب. ولو كان لهم حب لدعا لهم فيه فهما لا يخلو عليهما أحد (١) بعين مكة الا لم يوافقاه قال فإذا جاء زوجك فاقرئى عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد قالت نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت عليه فسألني عنك فأخبرته فسألني كيف عيشنا فأخبرته أنا بخير قال فأوصاك بشيء قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال ذاك أبى وأمرنى أن أمسك * ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم فلما رآه قام اليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد * ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرنى بأمر قال فاصنع ما أمرك به ربك قال وتعينني قال وأعينك قال فان الله أمرنى ان أبنى هاهنا بيتا وأشار الى أكمة مرتفعة على ما حولها قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل إسماعيل يأتى بالحجارة وإبراهيم يبنى حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ﴿رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ قال وجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان ﴿رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ثم قال حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمرو حدثنا إبراهيم بن نافع عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما كان من إبراهيم وأهله ما كان خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء وذكر تمامه بنحو ما تقدم وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموشح برفع بعضه وفي بعضه غرابة وكأنه مما تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات * وفيه أن إسماعيل كان رضيعا إذ ذاك * وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بان يختن ولده إسماعيل وكل من عنده من العبيد وغيرهم فختنهم وذلك بعد مضى تسع وتسعين سنة من عمره فيكون عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة وهذا امتثال لأمر الله ﷿ في أهله فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء انه واجب على الرجال كما هو مقرر في موضعه وقد ثبت في الحديث الّذي
رواه البخاري حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبى الزناد عن الأعرج عن ابى هريرة قال قال النبي ﷺ اختتن إبراهيم النبي ﵇ وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم * تابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن أبى الزناد وتابعه عجلان عن أبى هريرة ورواه محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة * وهكذا رواه مسلم عن قتيبة به * وفي بعض الألفاظ اختتن إبراهيم بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم والقدوم هو الآلة وقيل موضع وهذا
(١) قوله فهما لا يخلو عليهما أحد الى قوله الا لم يوافقاه كذا بالأصول الشامية والمصرية وهو سقيم وفي مثل هذا الموضع من العرائس للثعلبي فلو جاءت يومئذ بخبز أو بر أو شعير أو تمر لكانت مكة أكثر أرض الله برا وشعيرا وتمرا انتهى (محمود الامام)