للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ أي فصلنا ما بين السماء والأرض حتى هبت الرياح ونزلت الأمطار وجرت العيون، والأنهار وانتعش الحيوان. ثم قال ﴿وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ﴾ أي عما خلق فيها من الكواكب الثوابت، والسيارات والنجوم الزاهرات والاجرام النيرات، وما في ذلك من الدلالات على حكمة خالق الأرض والسموات كما قال تعالى ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ * وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ فأما قوله تعالى ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها * رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها * وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها، * وَالْجِبالَ أَرْساها * مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ﴾ فقد تمسك بعض الناس بهذه الآية على تقدم خلق السماء على خلق الأرض. فخالفوا صريح الآيتين المتقدمتين ولم يفهموا هذه الآية الكريمة فان مقتضى هذه الآية أن دحى الأرض وإخراج الماء والمرعى منها بالفعل بعد خلق السماء. وقد كان ذلك مقدرا فيها بالقوة كما قال تعالى ﴿وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها﴾ أي هيأ أماكن الزرع ومواضع العيون والأنهار ثم لما أكمل خلق صورة العالم السفلى والعلويّ دحى الأرض فأخرج منها ما كان مودعا فيها فخرجت العيون وجرت الأنهار، ونبت الزرع والثمار ولهذا فسر الدحى بإخراج الماء والمرعى منها وإرساء الجبال فقال ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها * أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها﴾ وقوله ﴿وَالْجِبالَ أَرْساها﴾ أي قررها في أماكنها التي وضعها فيها وثبتها وأكدها وأطدها وقوله ﴿وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ، * وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ، * وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ بأيد أي بقوة. وأنا لموسعون، وذلك أن كل ما علا اتسع فكل سماء أعلى من التي تحتها فهي أوسع منها. ولهذا كان الكرسي أعلى من السموات. وهو أوسع منهن كلهن، والعرش أعظم من ذلك كله بكثير. وقوله بعد هذا ﴿وَالْأَرْضَ فَرَشْناها﴾ أي بسطناها وجعلناها مهدا أي قارة ساكنة غير مضطربة ولا مائدة بكم. ولهذا قال ﴿فَنِعْمَ الْماهِدُونَ﴾ والواو لا تقتضي الترتيب في الوقوع. وإنما يقتضي الاخبار المطلق في اللغة والله أعلم *

وقال البخاري حدثنا عمر بن جعفر بن غياث حدثنا أبى حدثنا الأعمش حدثنا جامع بن شداد عن صفوان بن محرز أنه حدثه عن عمران بن حصين قال «دخلت على النبي صلّى الله وعليه وسلّم وعقلت ناقتي بالباب فأتاه ناس من بنى تميم فقال أقبلوا البشرى يا بنى تميم» قالوا قد بشرتنا فأعطنا مرتين ثم دخل عليه ناس من اليمن فقال «أقبلوا البشرى يا أهل اليمن ان لم يقبلها بنو تميم» قالوا قد قبلنا يا رسول الله قالوا جئناك نسألك عن هذا الأمر. قال «كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض» فنادى مناد ذهبت ناقتك يا ابن الحصين فانطلقت فإذا هي تقطع دونها السراب فو الله لوددت انى كنت تركتها» هكذا رواه هاهنا وقد رواه في كتاب المغازي

<<  <  ج: ص:  >  >>