للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنَّ أَخَفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» . وَهَذَا الْحَدِيثُ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرُدُّ عَلَى فِرْقَةِ الرَّافِضَةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا لَمَا رَدَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَطْوَعَ للَّه وَلِرَسُولِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ أَنْ يَفْتَاتُوا عَلَيْهِ فَيُقَدِّمُوا غَيْرَ مَنْ قَدَّمَهُ وَيُؤَخِّرُوا مَنْ قَدَّمَهُ بِنَصِّهِ، حَاشَا وَكَلَّا وَلَمَّا، وَمَنْ ظَنَّ بِالصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَقَدْ نَسَبَهُمْ بأجمعهم الى الفجور والتواطؤ عَلَى مُعَانَدَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُضَادَّتِهِمْ فِي حُكْمِهِ وَنَصِّهِ، وَمَنْ وَصَلَ مِنَ النَّاسِ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ وَكَفَرَ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ، وَكَانَ إِرَاقَةُ دَمِهِ أَحَلَّ مِنْ إِرَاقَةِ الْمُدَامِ. ثُمَّ لَوْ كَانَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَصٌّ فَلِمَ لَا كَانَ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الصَّحَابَةِ عَلَى إِثْبَاتِ إِمَارَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِمَامَتِهِ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَنْفِيذِ مَا مَعَهُ مِنَ النَّصِّ فَهُوَ عَاجِزٌ وَالْعَاجِزُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ وَلَمْ يفصله فَهُوَ خَائِنٌ وَالْخَائِنُ الْفَاسِقُ مَسْلُوبٌ مَعْزُولٌ عَنِ الْإِمَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوُجُودِ النَّصِّ فَهُوَ جَاهِلٌ، ثُمَّ وَقَدْ عَرَفَهُ وَعَلِمَهُ مَنْ بَعْدَهُ هذا مُحَالٌ وَافْتِرَاءٌ وَجَهْلٌ وَضَلَالٌ. وَإِنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا فِي أَذْهَانِ الْجَهَلَةِ الطَّغَامِ وَالْمُغْتَرِّينَ مِنَ الْأَنَامِ، يُزَيِّنُهُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ، بَلْ بِمُجَرَّدِ التَّحَكُّمِ وَالْهَذَيَانِ وَالْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ، عِيَاذًا باللَّه مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ التَّخْلِيطِ وَالْخِذْلَانِ وَالتَّخْبِيطِ وَالْكُفْرَانِ، وَمَلَاذًا باللَّه بِالتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ وَالْوَفَاةِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ، وَالْمُوَافَاةِ عَلَى الثَّبَاتِ وَالْإِيقَانِ وَتَثْقِيلِ الْمِيزَانِ، وَالنَّجَاةِ مِنَ النِّيرَانِ وَالْفَوْزِ بالجنان انه كريم منان رحيم رحمان.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ رَدٌّ عَلَى مُتَقَوِّلَةِ كَثِيرٍ مِنَ الطَّرْقِيَّةِ وَالْقُصَّاصِ الْجَهَلَةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ بِأَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ يَسُوقُونَهَا مُطَوَّلَةً، يَا عَلِيُّ افْعَلْ كَذَا، يَا عَلِيُّ لَا تَفْعَلْ كَذَا، يَا عَلِيُّ مَنْ فَعَلَ كَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا. بِأَلْفَاظٍ رَكِيكَةٍ وَمَعَانِيَ أَكْثَرُهَا سَخِيفَةٌ وَكَثِيرٌ منها صحفية لَا تُسَاوِي تَسْوِيدَ الصَّحِيفَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ عمرو النصيبي- وهو أحد الكذابين الصواغين- عَنِ السَّرِيِّ بْنِ خَلَّادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يَا عَلِيُّ أُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ أحفظها فَإِنَّكَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا حَفِظْتَهَا، يَا عَلِيُّ إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالزَّكَاةَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الرَّغَائِبِ وَالْآدَابِ وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وَقَدْ شَرَطْتُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنْ لَا أُخَرِّجَ فِيهِ حَدِيثًا أَعْلَمُهُ مَوْضُوعًا، ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ عَمْرٍو هَذَا عَنْ زَيْدِ بْنِ رَفِيعٍ عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ. قَالَ: هَذَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ النَّصْرِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِي الْفِتْنَةِ وَهُوَ أَيْضًا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَيْسَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>