للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنه بعده تركة عظيمة فأوصى من ذلك بالثلث بعد إخراج ألفى ألف ومائتي ألف دينا، فلما قضى دينه وأخرج ثلث ماله قسم الباقي على ورثته فنال كلّ امرأة من نسائه - وكن أربعا - ألف ألف ومائتا ألف، فمجموع ما ذكرناه مما تركه تسعة وخمسين ألف ألف وثمان مائة ألف (١) وهذا كله من وجوه حل نالها في حياته مما كان يصيبه من الفيء والمغانم، ووجوه متاجر الحلال وذلك كله بعد إخراج الزكاة في أوقاتها، والصّلاة البارعة الكثيرة لأربابها في أوقات حاجاتها وأرضاه وجعل جنات الفردوس مثواه - وقد فعل - فإنه قد شهد له سيد الأولين والآخرين ورسول رب العالمين بالجنة، ولله الحمد والمنة. وذكر ابن الأثير في الغابة أنه كان له ألف مملوك يؤدون اليه الخراج، وأنه كان يتصدق بذلك كله. وقال فيه حسان بن ثابت يمدحه ويفضله بذلك:

أقام على عهد النبي وهديه … حواريه والقول بالفضل يعدل

أقام على منهاجه وطريقه … يوالي ولىّ الحق والحق أعدل

هو الفارس المشهور والبطل الّذي … يصول إذا ما كان يوم محجل

وإن امرأ كانت صفية أمه … ومن أسد في بيته لمرسل

له من رسول الله قربى قريبة … ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل

فكم كربة ذب الزبير بسيفه … عن المصطفى والله يعطى ويجزل

إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها … بأبيض [سياف] الى الموت يرفل

فما مثله فيهم ولا كان قبله … وليس يكون الدهر ما دام يذبل

قد تقدم أنه قتله عمرو بن جرموز التميمي بوادي السباع وهو نائم، ويقال بل قام من آثار النوم وهو دهش فركب وبارزه ابن جرموز، فلما صمم عليه الزبير أنجده صاحباه فضالة والنعر فقتلوه، وأخذ عمرو بن جرموز رأسه وسيفه. فلما دخل بهما على عليّ

قال عليّ لما رأى سيف الزبير: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن وجه رسول الله . وقال عليّ فيما قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار. فيقال إن عمرو بن جرموز لما سمع ذلك قتل نفسه. والصحيح أنه عمّر بعد عليّ حتى كانت أيام ابن الزبير فاستناب أخاه مصعبا على العراق، فاختفى عمرو بن جوموز خوفا من سطوته أن يقتله بأبيه. فقال مصعب: أبلغوه أنه آمن، أيحسب أنى أقتله بأبي عبد الله؟ كلا والله ليسا سواء، وهذا من حلم مصعب وعقله ورياسته. وقد روى الزبير عن رسول الله أحاديث


(١) في التيمورية تسعة وخمسين ألف ألف ومائتا ألف. وقد ذكر ابن سعد في الطبقات أنه ترك ٢٠٠/ ٣٥/٠٠٠ درهم وان دينه بلغ ٢٠٠/ ٢/٠٠٠ درهم وأن نساءه الأربع ورثت كل واحدة منهن ١٠٠/ ١/٠٠٠ درهم وذلك بخلاف الأراضي والعقارات!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>