للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين يدي رسول الله في غير ما موطن، ومن أوضح ذلك ما ثبت في الصحيح عنه أنه قال:

لما نزل قوله تعالى ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ … ﴿وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ الآية دعاني رسول الله

فقال «اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله» فجاء ابن أم مكتوم فجعل يشكو ضرارته، فنزل الوحي على رسول الله فثقلت فخذه على فخذي حتى كادت ترضها، فنزل ﴿غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ فأمرنى فألحقتها، فقال زيد: فانى لأعرف موضع ملحقها عند صدع في ذلك اللوح - يعنى من عظام - الحديث. وقد شهد زيد اليمامة وأصابه سهم فلم يضره، وهو الّذي أمره الصديق بعد هذا بأن يتتبع القرآن فيجمعه، وقال له إنك شاب عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله ، فتتبع القرآن فأجمعه، ففعل ما أمره به الصديق، فكان في ذلك خير كثير ولله الحمد والمنة. وقد استنابه عمر مرتين في حجتين على المدينة، واستنابه لما خرج الى الشام، وكذلك كان عثمان يستنيبه على المدينة أيضا، وكان على يحبه، وكان يعظم عليا ويعرف له قدره، ولم يشهد معه شيئا من حروبه. وتأخر بعده حتى توفى سنة خمس وأربعين، وقيل سنة إحدى وقيل خمس وخمسين، وهو ممن كان يكتب المصاحف الأئمة التي نفذ بها عثمان بن عفان الى سائر الآفاق اللائي وقع على التلاوة طبق رسمهن الإجماع والاتفاق كما قررنا ذلك في كتاب فضائل القرآن الّذي كتبناه مقدمة في أول كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة.

ومنهم السّجل، كما ورد به الحديث المروي في ذلك عن ابن عباس - إن صح - وفيه نظر. قال أبو داود حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا نوح بن قيس عن يزيد بن كعب عن عمرو بن مالك عن أبى الجوزاء عن ابن عباس قال: السجل كاتب للنّبيّ . وهكذا رواه النسائي عن قتيبة به عن ابن عباس أنه كان يقول: في هذه الآية ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ [السجل الرجل.

هذا لفظه ورواه أبو جعفر بن جرير في تفسيره عند قوله تعالى ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾] عن نصر بن على عن نوح بن قيس وهو ثقة من رجال مسلم. وقد ضعفه ابن معين في رواية عنه. وأما شيخه يزيد بن كعب العوفيّ البصري فلم يرو عنه سوى نوح بن قيس، وقد ذكره مع ذلك ابن حبان في الثقات. وقد عرضت هذا الحديث على شيخنا الحافظ الكبير أبى الحجاج المزي فأنكره جدا، وأخبرته أن شيخنا العلامة أبا العباس ابن تيمية كان يقول: هو حديث موضوع، وإن كان في سنن أبى داود. فقال شيخنا المزي: وأنا أقوله.

قلت: وقد رواه الحافظ ابن عدي في كامله من حديث محمد بن سليمان الملقب ببومة عن يحيى ابن عمرو عن مالك النكرى عن أبيه عن أبى الجوزاء عن ابن عباس قال: كان لرسول الله كاتب يقال له السجل، وهو قوله [تعالى] ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾ قال كما

<<  <  ج: ص:  >  >>