للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم قط هي أحسن منهم لا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه أن يضيف رجلا فجاء بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت فخرجت امرأته فأخبرت قومها فقالت إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط فجاءه قومه يهرعون اليه. وقوله ﴿وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ﴾. أي هذا مع ما سلف لهم من الذنوب العظيمة الكبيرة الكثيرة ﴿قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ يرشدهم الى غشيان نسائهم وهن بناته شرعا لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد كما ورد في الحديث وكما قال تعالى ﴿النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ﴾ وفي قول بعض الصحابة والسلف وهو أب لهم. وهذا كقوله ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ * وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ﴾ وهذا هو الّذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن انس وقتادة والسدي ومحمد ابن إسحاق وهو الصواب. والقول الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب وقد تصحف عليهم كما أخطأوا في قولهم إن الملائكة كانوا اثنين وانهم تعشوا عنده وقد خبط أهل الكتاب في هذه القصة تخبيطا عظيما وقوله ﴿فَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ نهى لهم عن تعاطى ما لا يليق من الفاحشة وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا فيه خير بل الجميع سفهاء. فجرة أقوياء. كفرة أغبياء. وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعو منه من قبل أن يسألوه عنه. فقال قومه عليهم لعنة الله الحميد المجيد. مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من الأمر السديد ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ﴾ يقولون عليهم لعائن الله لقد علمت يا لوط إنه لا أرب لنا في نسائنا وانك لتعلم مرادنا وغرضنا. واجهوا بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم ولم يخافوا سطوة العظيم. ذي العذاب الأليم. ولهذا قال ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ ود أن لو كان له بهم قوة أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم ليحل بهم ما يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب * وقد قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعا (نحن أحق بالشك من إبراهيم ويرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي) ورواه أبو الزناد عن الأعرج عن ابى هريرة *

وقال محمد بن عمرو بن علقمة عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله قال رحمة الله على لوط لقد كان يأوى الى ركن شديد يعنى الله ﷿ فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه. وقال تعالى ﴿وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاِتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ * قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ * قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ﴾ فأمرهم بقربان نسائهم وحذرهم الاستمرار على طريقتهم وسيئاتهم هذا وهم في ذلك لا ينتهون ولا يرعوون بل كلما لهم يبالغون في تحصيل هؤلاء الضيفان ويحرضون. ولم يعلموا ما حم

<<  <  ج: ص:  >  >>