يوسف بن يعقوب بن سحق بن إبراهيم. وذكر أهل الكتاب أن إسحاق لما تزوج رفقا بنت بتواييل في حيات أبيه كان عمره أربعين سنة وأنها كانت عاقرا فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين أولهما سموه عيصو وهو الّذي تسميه العرب العيص وهو والد الروم * والثاني خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه يعقوب وهو إسرائيل الّذي ينتسب اليه بنو إسرائيل قالوا وكان إسحاق يحب العيصو أكثر من يعقوب لانه بكرة وكانت أمهما رفقا تحب يعقوب أكثر لأنه الأصغر قالوا فلما كبر إسحاق وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاما وأمره أن يذهب فيصطاد له صيدا ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغى ذلك فأمرت رفقا ابنها يعقوب أن يذبح جديين من خيار غنمه ويصنع منهما طعاما كما اشتهاه أبوه ويأتى إليه به قبل أخيه ليدعو له فقامت فألبسته ثياب أخيه وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين لأن العيص كان أشعر الجسد ويعقوب ليس كذلك فلما جاء به وقربه اليه قال من أنت قال ولدك فضمه اليه وجسه وجعل يقول أما الصوت فصوت يعقوب وأما الجس والثياب فالعيص فلما أكل وفرغ دعا له أن يكون أكبر إخوته قدرا وكلمته عليهم وعلى الشعوب بعده وأن يكثر رزقه وولده * فلما خرج من عنده جاء أخوه العيص بما أمره به والده فقربه اليه فقال له ما هذا يا بنى قال هذا الطعام الّذي اشتهيته فقال أما جئتني به قبل الساعة وأكلت منه ودعوت لك فقال لا والله وعرف أن أخاه قد سبقه إلى ذلك فوجد في نفسه عليه وجدا كثيرا. وذكروا أنه تواعده بالقتل إذا مات أبوهما وسأل أباه فدعا له بدعوة أخرى وأن يجعل لذريته غليظ الأرض وأن يكثر أرزاقهم وثمارهم فلما سمعت أمهما ما يتواعد به العيص أخاه يعقوب أمرت ابنها يعقوب أن يذهب إلى أخيها لا بان الّذي بأرض حران وأن يكون عنده إلى حين يسكن غضب أخيه عليه وأن يتزوج من بناته. وقالت لزوجها إسحاق أن يأمره بذلك ويوصيه ويدعو له ففعل فخرج يعقوب ﵇ من عندهم من آخر ذلك اليوم فأدركه المساء في موضع فنام فيه أخذ حجرا فوضعه تحت رأسه ونام فرأى في نومه ذلك معراجا منصوبا من السماء إلى الأرض وإذا الملائكة يصعدون فيه وينزلون والرب ﵎ يخاطبه ويقول له إني سأبارك عليك وأكثر ذريتك واجعل لك هذه الأرض ولعقبك من بعدك. فلما هب من نومه فرح بما رأى ونذر لله لئن رجع الى أهله سالما ليبنين في هذا الموضع معبد الله ﷿ وأن جميع ما يرزقه من شيء يكون لله عشره ثم عمد إلى ذلك الحجر فجعل عليه دهنا يتعرفه به وسمى ذلك الموضع بيت إيل أي بيت الله وهو موضع بيت المقدس اليوم الّذي بناه يعقوب بعد ذلك كما سيأتي قالوا فلما قدم يعقوب على خاله أرض حران إذا له ابنتان اسم الكبرى ليا واسم الصغرى راحيل وكانت أحسنهما وأجملهما فأجابه الى ذلك بشرط أن يرعى على غنمه سبع سنين فلما مضت المدة على خاله لابان صنع طعاما وجمع الناس عليه وزف اليه ليلا