هذا الّذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعد، فقال أبو جهل: تطوف بالكعبة آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه؟ فقال: نعم، فتلاحيا بينهما، فقال أمية لسعد: لا ترفع صوتك على أبى الحكم فإنه سيد أهل الوادي، ثم قال سعد: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعنّ متجرك بالشام، قال:
فجعل أمية يقول لسعد: لا ترفع صوتك، وجعل يمسكه، فغضب سعد فقال: دعنا عنك، فانى سمعت محمدا ﷺ يزعم أنه قاتلك، قال: إياي؟ قال: نعم، قال: والله ما يكذب محمد إذا حدث، فرجع إلى امرأته فقال: أما تعلمين ما قال لي أخى اليثربي؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي، قالت: فو الله ما يكذب محمد، قال: فلما خرجوا إلى بدر وجاء الصريخ، قالت له امرأته: ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: فأراد أن لا يخرج، فقال له أبو جهل: إنك من أشراف الوادي، فسر يوما أو يومين، فسار معهم فقتله الله * وهذا الحديث من أفراد البخاري، وقد تقدم بأبسط من هذا السياق *
ومن ذلك قصة أبىّ بن خلف الّذي كان يعلف حصانا له، فإذا مر برسول الله ﷺ يقول: إني سأقتلك عليه، فيقول له رسول الله ﷺ: بل أنا أقتلك إن شاء الله، فقتله يوم أحد كما قدمنا بسطه * ومن ذلك إخباره عن مصارع القتلى يوم بدر كما تقدم الحديث في الصحيح أنه جعل يشير قبل الوقعة إلى محلها ويقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان، قال: فو الّذي بعثه بالحق ما حاد أحد منهم عن مكانه الّذي أشار إليه رسول الله ﷺ * ومن ذلك قوله لذلك الرجل الّذي كان لا يترك للمشركين شاذة ولا فاذة إلا اتبعها ففراها بسيفه، وذلك يوم أحد، وقيل: خيبر وهو الصحيح، وقيل: في يوم حنين، فقال الناس: ما أغنى أحد اليوم ما أغنى فلان، يقال: إنه قرمان، فقال: إنه من أهل النار، فقال بعض الناس: أنا صاحبه، فاتبعه فجرح فاستعجل الموت فوضع ذباب سيفه في صدره ثم تحامل عليه حتى أنفذه، فرجع ذلك الرجل فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: وما ذاك؟ فقال: إن الرجل الّذي ذكرت آنفا كان من أمره كيت وكيت، فذكر الحديث كما تقدم * ومن ذلك إخباره عن فتح مدائن كسرى وقصور الشام وغيرها من البلاد يوم حفر الخندق، لما ضرب بيده الكريمة تلك الصخرة فبرقت من ضربه، ثم أخرى، ثم أخرى كما قدمناه * ومن ذلك إخباره ﷺ عن ذلك الذراع أنه مسموم، فكان كما أخبر به، اعترف اليهود بذلك، ومات من أكل معه - بشر بن البراء بن معرور - *
ومن ذلك ما ذكره عبد الرزاق عن معمر أنه بلغه أن رسول الله ﷺ قال ذات يوم: اللهمّ نج أصحاب السفينة، ثم مكث ساعة، ثم قال: قد استمرت * والحديث بتمامه في دلائل النبوة للبيهقي، وكانت تلك السفينة قد أشرفت على الغرق وفيها الأشعريون الذين قدموا عليه وهو بخيبر * ومن ذلك إخباره عن قبر أبى رغال، حين مرّ عليه وهو ذاهب إلى الطائف وأن معه غصنا من ذهب، فحفروه فوجدوه كما أخبر،