للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبُو طَالِبٍ قَصِيدَتَهُ اللَّامِيَّةَ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا:

كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى مُحَمَّدًا ... وَلَمَّا نُقَاتِلْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ

وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ

وَمَا تَرْكُ قَوْمٍ لَا أَبَا لَكَ سَيِّدًا ... يَحُوطُ الذِّمَارَ غَيْرَ ذَرْبٍ مُوَاكِلِ

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلْأَرَامِلِ

يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ

وَكَانَتْ قريش قد علقت صحيفة الزعامة فِي سَقْفِ الْكَعْبَةِ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْ مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، لِئَلَّا يَجْتَمِعَ بِمَا فِيهَا مِنَ الظُّلْمِ وَالْفُجُورِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا أَكَلَتْ مَا فِيهَا إِلَّا أَسْمَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ، فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي بِخَبَرٍ عَنْ صَحِيفَتِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْهَا إِلَّا مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، أَوْ كَمَا قَالَ: فَأَحْضَرُوهَا، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا أَسْلَمْتُهُ إِلَيْكُمْ، فَأَنْزَلُوهَا فَفَتَحُوهَا فَإِذَا الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نَقَضُوا حُكْمَهَا وَدَخَلَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمَطْلَبِ مَكَّةَ، وَرَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا أَسْلَفْنَا ذِكْرَهُ وللَّه الْحَمْدُ وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ، حِينَ جَاءَ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ يَسْتَنْصِرُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يتوسد رِدَاءَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَيَدْعُو لَهُمْ لِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْإِهَانَةِ، فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ وَقَالَ: إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أبيه عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى، أَرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ فِيهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مَعَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، أَبِي صَفْوَانَ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا انْطَلَقَ إِلَى الشَّامِ فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى سَعْدٍ، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: انْتَظِرْ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَغَفَلَ النَّاسُ انطلقت فطفت، فبينا سعد يطوف فإذا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>