للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَصَلَّيْتُ، وَإِنَّ عَمْرًا لَأَضَلُّ مِنْ بَعِيرِ أَهْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ بَلَاءٌ أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَاصْبِرُوا، فَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ صَاحِبَيْكُمْ هَذَيْنَ، وَإِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رَحْمَةٌ بِكُمْ وَدَعْوَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ سَتَقْدَمُونَ الشَّامَ فَتَنْزِلُونَ أَرْضًا يُقَالُ لَهَا: أَرْضُ عَمُوسَةَ، فَيَخْرُجُ بِكُمْ فِيهَا خُرْجَانٌ لَهُ ذُبَابٌ كَذُبَابِ الدُّمَّلِ، يَسْتَشْهِدُ اللَّهُ بِهِ أَنْفُسَكُمْ وَذَرَارِيَّكُمْ وَيُزَكِّي بِهِ أَمْوَالَكُمْ، اللَّهمّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْزُقْ مُعَاذًا وَآلَ مُعَاذٍ مِنْهُ الْحَظَّ الْأَوْفَى وَلَا تُعَافِهِ مِنْهُ، قَالَ: فَطُعِنَ فِي السَّبَّابَةِ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَقُولُ: اللَّهمّ بَارِكْ فِيهَا، فَإِنَّكَ إِذَا بَارَكْتَ فِي الصَّغِيرِ كَانَ كَبِيرًا، ثُمَّ طُعِنَ ابْنُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ من الْمُمْتَرِينَ ٢: ١٤٧ فَقَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ٣٧: ١٠٢ وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ وَجَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أَنَا، قَالَ هَاتِ، إِنَّكَ لِجَرِيءٌ، فَقُلْتُ: ذَكَرَ فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ يُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا أَعْنِي إِنَّمَا أَعْنِي الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ، فَقُلْتُ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: ويحك، يفتح الله أَمْ يُكْسَرُ؟ قُلْتُ: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: إِذًا لَا يُغْلَقُ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ، فَقُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: فَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ الْبَابُ؟ قَالَ: نَعَمْ، وإني حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ مَنِ الْبَابُ، فَقُلْنَا لِمَسْرُوقٍ فَسَأَلَهُ، فقال من بالباب؟ قال: عُمَرُ، وَهَكَذَا وَقَعَ مِنْ بَعْدِ مَقْتَلِ عُمَرَ، وَقَعَتِ الْفِتَنُ فِي النَّاسِ، وَتَأَكَّدَ ظُهُورُهَا بِمَقْتَلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَدْ قَالَ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سفيان عن عروة بْنِ قَيْسٍ قَالَ خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ فَحِينَ أَلْقَى بَوَانِيَهُ بَثْنِيَّةً وَعَسَلًا أَرَادَ أَنْ يُؤْثِرَ بِهَا غَيْرِي وَيَبْعَثَنِي إِلَى الْهِنْدِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ تَحْتِهِ: اصْبِرْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ، فَإِنَّ الْفِتَنَ قَدْ ظَهَرَتْ، فَقَالَ خَالِدٌ: أَمَّا وَابْنُ الْخَطَّابِ حَيٌّ فَلَا، وَإِنَّمَا ذَاكَ بَعْدَهُ وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَبْصَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا فَقَالَ:

أَجَدِيدٌ ثَوْبُكُ أَمْ غَسِيلٌ؟ قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، قَالَ: الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا، وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَيَرْزُقُكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، أَنْكَرَهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلًا، قَالَ حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ الْحَافِظُ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ مَعْمَرٍ، وَمَا أَحْسَبُهُ بِالصَّحِيحِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ قُلْتُ: رِجَالُ إِسْنَادِهِ وَاتِّصَالِهِ عَلَى شَرْطِ الصحيحين وقد قيل الشيخان، تفرد معمر عن الزهري في غير ما حَدِيثٍ، ثُمَّ قَدْ رَوَى الْبَزَّارُ هَذَا الْحَدِيثَ من

<<  <  ج: ص:  >  >>