ورده وإن كان في الأوامر والنواهي فاعدل الشرائع وأوضح المناهج وأبين حكما وأعدل حكما فهو كما قال تعالى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً﴾. يعنى صدقا في الأخبار عدلا في الأوامر والنواهي ولهذا قال تعالى ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ﴾ أي بالنسبة إلى ما أوحى إليك فيه كما قال تعالى ﴿وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾. وقال تعالى ﴿كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ. وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنّا ذِكْراً * مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً * خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً﴾. يعنى من أعرض عن هذا القرآن واتبع غيره من الكتب فإنه يناله هذا الوعيد كما
قال في الحديث المروي في المسند والترمذي عن أمير المؤمنين على مرفوعا وموقوفا من ابتغى الهدى في غيره أضله الله.
وقال الامام أحمد حدثنا سريج بن النعمان حدثنا هشام أنبأنا خالد عن الشعبي عن جابر (أن عمر بن الخطاب أتى النبي ﷺ بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه على النبي ﷺ قال فغضب وقال أتتهوكون فيها يا ابن الخطاب والّذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبرونكم بحق فتكذبونه أو بباطل فتصدقونه والّذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني) اسناد صحيح. ورواه أحمد من وجه آخر عن عمرو فيه فقال رسول الله ﷺ(والّذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم) إنكم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين) وقد أوردت طرق هذا الحديث وألفاظه في أول سورة يوسف. وفي بعضها
أن رسول الله ﷺ خطب الناس فقال في خطبته (أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون. ثم أمر بتلك الصحيفة فمحيت حرفا حرفا ﴿إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ * قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ قد قدمنا أن يعقوب كان له من البنين اثنا عشر ولدا ذكرا وسميناهم واليهم تنسب أسباط بنى إسرائيل كلهم وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف ﵇ وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره وباقي اخوته لم يوح اليهم. وظاهر ما ذكر من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول * ومن استدل على نبوتهم بقوله ﴿قُولُوا آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ﴾ وزعم أن هؤلاء هم الأسباط فليس استدلاله بقوى