للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ * وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، وقد ذكرت القصة مبسوطة في أول هذا الكتاب وكيف دعا على قومه فنجاه الله ومن اتبعه من المؤمنين فلم يهلك منهم أحد، وأغرق من خالفه من الكافرين فلم يسلّم منهم أحد حتى ولا ولده * قال شيخنا العلامة أبو المعالي محمد بن على الأنصاري الزملكانى، ومن خطه نقلت: وبيان أن كل معجزة لنبي فلنبينا أمثالها، إذا تمّ يستدعى كلاما طويلا، وتفصيلا لا يسعه مجلدات عديدة، ولكن ننبه بالبعض على البعض، فلنذكر جلائل معجزات الأنبياء ، فمنها نجاة نوح في السفينة بالمؤمنين، ولا شك أن حمل الماء للناس من غير سفينة أعظم من السلوك عليه في السفينة، وقد مشى كثير من الأولياء على متن الماء، وفي قصة العلاء بن زياد، صاحب رسول الله ما يدل على ذلك، روى منجاب قال: غزونا مع العلاء بن الحضرميّ دارين، فدعا بثلاث دعوات فاستجيبت له، فنزلنا منزلا فطلب الماء فلم يجده، فقام وصلّى ركعتين وقال: اللهمّ إنا عبيدك وفي سبيلك، نقاتل عدوك، اللهمّ اسقنا غيثا نتوضأ به ونشرب، ولا يكون لأحد فيه نصيب غيرنا، فسرنا قليلا فإذا نحن بماء حين أقلعت السماء عنه، فتوضأنا منه وتزودنا، وملأت إداوتي وتركتها مكانها حتى انظر هل استجيب له أم لا، فسرنا قليلا ثم قلت لأصحابى:

نسيت إداوتي، فرجعت إلى ذلك المكان فكأنه لم يصبه ماء قط، ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا وبينهم، فقال: يا على يا حكيم، إنا عبيدك وفي سبيلك، نقاتل عدوك، اللهمّ فاجعل لنا إليهم سبيلا، فدخلنا البحر فلم يبلغ الماء لبودنا، ومشينا على متن الماء ولم يبتل لنا شيء، وذكر بقية القصة، فهذا أبلغ من ركوب السفينة، فأن حمل الماء للسفينة معتاد، وأبلغ من فلق البحر لموسى، فأن هناك انحسر الماء حتى مشوا على الأرض، فالمعجز انحسار الماء، وها هنا صار الماء جسدا يمشون عليه كالأرض، وإنما هذا منسوب إلى النبي وبركته * انتهى ما ذكره بحروفه فيما يتعلق بنوح * وهذه القصة التي ساقها شيخنا ذكرها الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الدلائل من طريق أبى بكر بن أبى الدنيا عن أبى كريب عن محمد بن فضيل عن الصلت بن مطر العجليّ عن عبد الملك ابن أخت سهم عن سهم بن منجاب قال: غزونا مع العلاء بن الحضرميّ فذكره * وقد ذكرها البخاري في التاريخ الكبير من وجه آخر، ورواها البيهقي من طريق أبى هريرة أنه كان مع العلاء وشاهد ذلك، وساقها البيهقي من طريق عيسى بن يونس عن عبد الله عن عون عن أنس بن مالك قال: أدركت في هذه الأمة ثلاثا لو كانت في بنى إسرائيل لما تقاسمها الأمم، قلنا:

ما هن يا أبا حمزة؟ قال: كنا في الصفة عند رسول الله فأتته امرأة مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ، فأضاف المرأة إلى النساء، وأضاف ابنها إلينا، فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة فمرض أياما ثم قبض،

<<  <  ج: ص:  >  >>