للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا نَالَ ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ لنبيه، وثواب إيمانه وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ كَانَ الْبَاعِثَ لِي عَلَى عَقْدِ هَذَا الْبَابِ أَنِّي وَقَفْتُ عَلَى مُوَلَّدٍ اخْتَصَرَهُ مِنْ سِيرَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يسار وغيرهما شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَمَالُ الدِّينِ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ السِّمَاكِيُّ، نسبه إلى أبى دجانة الأنصاري سماك بن حرب بن حرشة الْأَوْسِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ فِي زمانه بلا مدافعة، المعروف بابن الزملكانى عليه رحمة الله، وَقَدْ ذَكَرَ فِي أَوَاخِرِهِ شَيْئًا مِنْ فَضَائِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَقَدَ فَصْلًا فِي هَذَا الْبَابِ فَأَوْرَدَ فِيهِ أَشْيَاءَ حسنة، ونبه على فوائد جمة، وفوائد مُهِمَّةٍ، وَتَرَكَ أَشْيَاءَ أُخْرَى حَسَنَةً، ذَكَرَهَا غَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَمْ أَرَهُ اسْتَوْعَبَ الْكَلَامَ إِلَى آخِرِهِ، فَإِمَّا أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ مِنْ خَطِّهِ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ تَصْنِيفَهُ، فَسَأَلَنِي بَعْضُ أَهْلِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ تَتَأَكَّدُ إِجَابَتُهُ، وتكرر ذلك منه، في تكميله وتبويبه وَتَرْتِيبِهِ، وَتَهْذِيبِهِ، وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَالْإِضَافَةِ إِلَيْهِ، فَاسْتَخَرْتُ اللَّهَ حِينًا مِنَ الدَّهْرِ، ثُمَّ نَشِطْتُ لِذَلِكَ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ، وَقَدْ كُنْتُ سَمِعْتُ مِنْ شيخنا الإمام العلامة الْحَافِظِ، أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِزِّيِّ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، أَنَّ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْمَقَامِ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ رضى الله عنه، وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، عَنْ شَيْخِهِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبى حاتم الرازيّ عن أبيه، قال عمر بن سوار: قال الشافعيّ: مثل مَا أَعْطَى اللَّهُ نَبِيًّا مَا أَعْطَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: أَعْطَى عِيسَى إِحْيَاءَ الْمَوْتَى، فَقَالَ: أَعْطَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِذْعَ الَّذِي كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جنبه حين بنى لَهُ الْمِنْبَرُ حَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى سُمِعَ صَوْتُهُ، فهذا أكبر من ذلك، هَذَا لَفْظُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُرَادُ مِنْ إيراد ما نذكره في هذا الباب، البينة على مَا أَعْطَى اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ، وَالْخَوَارِقِ الْقَاطِعَاتِ، وَالْحُجَجِ الْوَاضِحَاتِ، وَأَنَّ الله جَمَعَ لِعَبْدِهِ وَرَسُولِهِ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِهِمْ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَحَاسِنِ وَالْآيَاتِ، مَعَ مَا اخْتَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِمَّا لَمَّ يُؤْتِ أَحَدًا قَبْلَهُ، كما ذكرنا في خصائصه وشمائله صلّى الله عليه وسلّم، وَوَقَفْتُ عَلَى فَصْلٍ مَلِيحٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ، أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَهُوَ كِتَابٌ حَافِلٌ فِي ثَلَاثِ مُجَلَّدَاتٍ، عَقَدَ فِيهِ فَصْلًا فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ، فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيرٌ جَلِيلٌ حافل، مشتمل على فرائد نَفِيسَةٍ وَكَذَا الصَّرْصَرِيُّ الشَّاعِرُ يُورِدُ فِي بَعْضِ قصائده أشياء من ذلك كَمَا سَيَأْتِي وَهَا أَنَا أَذْكُرُ بِعَوْنِ اللَّهِ مجامع ما ذكرنا من هذه الأماكن المتفرقة بأوجز عبارة، وأقصر إِشَارَةٍ، وباللَّه الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّه الْعَزِيزِ الحكيم.

الْقَوْلُ فِيمَا أُوتِيَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>