ابن حامد: قالوا: فان موسى أعطى اليد البيضاء، قلنا لهم: فقد أعطى محمد ﷺ ما هو أفضل من ذلك نورا كان يضيء عن يمينه حيث ما جلس، وعن يساره حيث ما جلس وقام، يراه الناس كلهم، وقد بقي ذلك النور إلى قيام الساعة، ألا ترى أنه يرى النور الساطع من قبره ﷺ من مسيرة يوم وليلة؟ هذا لفظه، وهذا الّذي ذكره من هذا النور غريب جدا، وقد ذكرنا في السيرة عند إسلام
الطفيل بن عمرو الدوسيّ أنه طلب من النبي ﷺ آية تكون له عونا على إسلام قومه من بيته هناك، فسطع نور بين عينيه كالصباح، فقال: اللهمّ في غير هذا الموضع فإنهم يظنونه مثلة، فتحول النور إلى طرف سوطه فجعلوا ينظرون اليه كالمصباح فهداهم الله على يديه ببركة رسول الله ﷺ وبدعائه لهم في قوله: اللهمّ اهد دوسا، وآت بهم، وكان يقال للطفيل: ذو النور لذلك * وذكر أيضا حديث أسيد بن حضير وعباد بن بشر في خروجهما من عند النبي ﷺ في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف عصا أحدهما، فلما افترقا أضاء لكل واحد منهما طرف عصاه، وذلك في صحيح البخاري وغيره * وقال أبو زرعة الرازيّ في كتاب دلائل النبوة: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت بن أنس بن مالك أن عباد بن بشر وأسيد بن حضير خرجا من عند النبي ﷺ في ليلة ظلماء حندس فأضاءت عصا أحدهما مثل السراج وجعلا يمشيان بضوئها، فلما تفرقا إلى منزلهما أضاءت عصا ذا وعصا ذا * ثم روى عن إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام، وعن يعقوب بن حميد المدني، كلاهما عن سفيان بن حمزة بن يزيد الأسلمي عن كثير بن زيد عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه قال:
سرنا في سفر مع رسول الله ﷺ في ليلة ظلماء دحمسة فأضاءت أصابعى حتى جمعوا عليها ظهرهم وما هلك منهم، وإن أصابعى لتستنير * وروى هشام بن عمار في البعث: حدثنا عبد الأعلى بن محمد البكري، حدثنا جعفر بن سليمان البصري، حدثنا أبو التياح الضبعي قال: كان مطرف بن عبد الله يبدر فيدخل كل جمعة فربما نور له في سوطه، فأدلج ذات ليلة وهو على فرسه حتى إذا كان عند المقابر هدم به، قال: فرأيت صاحب كل قبر جالسا على قبره، فقال: هذا مطرف يأتى الجمعة، فقلت لهم: وتعلمون عندكم يوم الجمعة؟ قالوا: نعم، ونعلم ما يقول فيه الطير، قلت: وما يقول فيه الطير؟ قالوا: يقول: رب سلّم سلّم قوم صالح * وأما دعاؤه ﵇ بالطوفان، وهو الموت الذريع في قول، وما بعده من الآيات والقحط والجدب، فأنما كان ذلك لعلهم يرجعون إلى متابعته ويقلعون عن مخالفته، فما زادهم الا طغيانا كبيرا، قال الله تعالى: ﴿وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * وَقالُوا يا أَيُّهَا السّاحِرُ اُدْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ﴾ * ﴿وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ * وَلَمّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا﴾