للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قالَ مَعاذَ اللهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاّ مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنّا إِذاً لَظالِمُونَ) أي إن أطلقنا المتهم وأخذنا البريء. هذا ما لا نفعله ولا نسمح به وإنما نأخذ من وجدنا متاعنا عنده.

وعند أهل الكتاب أن يوسف تعرف اليهم حينئذ وهذا مما غلطوا فيه ولم يفهموه جدا ﴿فَلَمَّا اِسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ * اِرْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ اِبْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاّ بِما عَلِمْنا وَما كُنّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ * وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنّا لَصادِقُونَ * قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَاِبْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ * قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ * يا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ﴾ يقول تعالى مخبرا عنهم أنهم لما استيأسوا من أخذه منه خلصوا يتناجون فيما بينهم قال كبيرهم وهو روبيل ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ﴾ … ﴿لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ﴾) لقد أخلفتم عهده وفرطتم فيه كما فرطتم في أخيه يوسف من قبله فلم يبق لي وجه أقابله به ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾ أي لا أزال مقيما هاهنا ﴿حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾ في القدوم عليه ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي﴾ بأن يقدرنى على رد أخى الى أبى ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ * اِرْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ اِبْنَكَ سَرَقَ﴾ أي اخبروه بما رأيتم من الأمر في لظاهر المشاهدة ﴿وَما شَهِدْنا إِلاّ بِما عَلِمْنا وَما كُنّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ * وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها﴾ أي فان هذا الّذي أخبرناك به من أخذهم أخانا لأنه سرق أمر اشتهر بمصر وعلمه العير التي كنا نحن وهم هناك ﴿وَإِنّا لَصادِقُونَ * قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ أي ليس الأمر كما ذكرتم لم يسرق فإنه ليس سجية له ولا خلقه وانما سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل قال ابن إسحاق وغيره لما كان التفريط منهم في بنيامين مترتبا على صنيعهم في يوسف قال لهم ما قال وهذا كما قال بعض السلف إن من جزاء السيئة السيئة بعدها ثم قال ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً﴾ يعنى يوسف وبنيامين وروبيل ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ﴾ أي بحالي وما أنا فيه من فراق الأحبة ﴿الْحَكِيمُ﴾ فيما يقدره ويفعله وله الحكمة البالغة والحجة القاطعة ﴿وَتَوَلّى عَنْهُمْ﴾ أي أعرض عن بنيه ﴿وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ﴾ ذكره حزنه الجديد بالحزن القديم وحرك ما كان كامنا كما قال بعضهم.

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى … ما الحب إلا للحبيب الأول

<<  <  ج: ص:  >  >>