درب الريحان اليوم. هكذا ذكره سيف بن عمر وغيره وهو المشهور أن خالدا فتح الباب قسرا.
وقال آخرون: بل الّذي فتحها عنوة أبو عبيدة وقيل يزيد بن أبى سفيان، وخالد صالح أهل البلد فعكسوا المشهور المعروف والله أعلم.
وقد اختلف الصحابة فقال قائلون هي صلح - يعنى على ما صالحهم الأمير في نفس الأمر وهو أبو عبيدة -. وقال آخرون: بل هي عنوة، لأن خالدا افتتحها بالسيف أولا كما ذكرنا، فلما أحسوا بذلك ذهبوا إلى بقية الأمراء ومعهم أبو عبيدة فصالحوهم، فأنفقوا فيما بينهم على أن جعلوا نصفها صلحا ونصفها عنوة، فملك أهلها نصف ما كان بأيديهم وأقروا عليه، واستقرت يد الصحابة على النصف.
ويقوى هذا ما ذكره سيف بن عمر من أن الصحابة كانوا يطلبون إليهم أن يصالحوهم على المشاطرة فيأبون، فلما أحسوا باليأس أنابوا، إلى ما كانت الصحابة دعوهم إليه فبادروا إلى إجابتهم. ولم تعلم الصحابة بما كان من خالد إليهم والله أعلم، ولهذا أخذ الصحابة نصف الكنيسة العظمى التي كانت بدمشق وتعرف «بكنيسة يوحنا» فاتخذوا الجانب الشرقي منها مسجدا، وأبقوا لهم نصفها الغربي كنيسة، وقد أبقوا لهم مع ذلك أربع عشرة كنيسة أخرى مع نصف الكنيسة المعروفة «بيوحنا»، وهي جامع دمشق اليوم. وقد كتب لهم بذلك خالد بن الوليد كتابا، وكتب فيه شهادته أبو عبيدة وعمرو بن العاص ويزيد وشرحبيل: إحداها كنيسة المقسلاط التي اجتمع عندها أمراء الصحابة، وكانت مبنية على ظهر السوق الكبير، وهذه القناطير المشاهدة في سوق الصابونيين من بقية القناطر التي كانت تحتها، ثم بادت فيما بعد وأخذت حجارتها في العمارات. الثانية: كنيسة كانت في رأس درب القرشيين وكانت صغيرة، قال الحافظ ابن عساكر: وبعضها باق إلى اليوم وقد تشعثت. الثالثة: كانت بدار البطيخ العتيقة. قلت: وهي داخل البلد بقرب الكوشك، وأظنها هي المسجد الّذي قبل هذا المكان المذكور، فإنها خربت من دهر والله أعلم. الرابعة: كانت بدرب بنى نصر بين درب الحبالين ودرب التميمي. قال الحافظ ابن عساكر: وقد أدركت بعض بنيانها، وقد خرب أكثرها. الخامسة:
كنيسة بولص، قال ابن عساكر: وكانت غربي القيسارية الفخرية وقد أدركت من بنيانها بعض أساس الحنيّة. السادسة: كانت في موضع دار الوكالة وتعرف اليوم بكنيسة القلانسيين. قلت:
والقلانسيين هي الحواحين اليوم. السابعة: التي بدرب السقيل اليوم وتعرف بكنيسة حميد بن درة سابقا، لأن هذا الدرب كان أقطاعا له وهو حميد بن عمرو بن مساحق القرشي العامري، ودرة أمه، وهي درة ابنة هاشم بن عتبة بن ربيعة، فأبوها خال معاوية. وكان قد أقطع هذا الدرب فنسبت هذه الكنيسة إليه، وكان مسلما، ولم يبق لهم اليوم سواها، وقد خرب أكثرها. ولليعقوبية منهم كنيسة