للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى جنديسابور، كتب إلى عمر في أمره فكتب إليه أن يدفنه وأن يغيب عن الناس موضع قبره، ففعل. وقد بسطنا ذلك في سيرة عمر ولله الحمد.

قال ابن جرير: وقال بعضهم ان فتح السوس ورامهرمز وتسيير الهرمزان من تستر إلى عمر في سنة عشرين والله أعلم وكان الكتاب العمرى قد ورد بأن النعمان بن مقرن يذهب إلى أهل نهاوند فسار إليها فمر بماه - بلدة كبيرة قبلها - فافتتحها ثم ذهب إلى نهاوند ففتحها ولله الحمد.

قلت: المشهور أن فتح نهاوند إنما وقع في سنة إحدى وعشرين كما سيأتي فيها بيان ذلك، وهي وقعة عظيمة وفتح كبير، وخبر غريب ونبأ عجيب، وفتح زر بن عبد الله الفقيمي مدينة جنديسابور (١) فاستوثقت تلك البلاد للمسلمين. هذا وقد تحول يزدجرد من بلد إلى بلد، حتى انتهى أمره إلى الاقامة بأصبهان، وقد كان صرف طائفة من أشراف أصحابه قريبا من ثلاثمائة من العظماء عليهم رجل يقال له سياه، فكانوا يفرون من المسلمين من بلد إلى بلد حتى فتح المسلمون تستر وإصطخر، فقال سياه لأصحابه: إن هؤلاء بعد الشقاء والذلة ملكوا أماكن الملوك الأقدمين، ولا يلقون جندا إلا كسروه، والله ما هذا عن باطل. - ودخل في قلبه الإسلام وعظمته - فقالوا له: نحن تبع لك. وبعث عمار ابن ياسر في غضون ذلك يدعوهم إلى الله، فأرسلوا إلى أبى موسى الأشعري بإسلامهم [وكتب فيهم إلى عمر في ذلك، فأمره أن يفرض لهم في ألفين ألفين، وفرض لستة منهم في ألفين وخمسمائة، وحسن إسلامهم] (٢) وكان لهم نكاية عظيمة في قتال قومهم حتى بلغ من أمرهم أنهم حاصروا حصنا فامتنع عليهم فجاء أحدهم فرمى بنفسه في الليل على باب الحصن وضمخ ثيابه بدم، فلما نظروا إليه حسبوا أنه منهم، ففتحوا إليه باب الحصن ليأووه فثار إلى البواب فقتله، وجاء بقية أصحابه ففتحوا ذلك الحصن، وقتلوا من فيه من المجوس. إلى غير ذلك من الأمور العجيبة والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم.

وذكر ابن جرير أن عمر بن الخطاب عقد الألوية والرايات الكبيرة في بلاد خراسان والعراق لغزو فارس والتوسع في بلادهم كما أشار عليه بذلك الأحنف بن قيس، فحصل بسبب ذلك فتوحات كثيرة في السنة المستقبلة بعدها كما سنبينه وننبه عليه ولله الحمد والمنة.

قال: وحج بالناس في هذه السنة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ثم ذكر نوابه على البلاد، وهم من ذكر في السنة قبلها غير المغيرة فان على البصرة بدله أبو موسى الأشعري.

قلت: وقد توفى في هذه السنة أقوام قيل إنهم توفوا قبلها وقد ذكرناهم، وقيل فيما بعدها وسيأتي ذكرهم في أماكنهم والله تعالى أعلم.


(١) في النسختين «جندسابور بدون ياء. والتصحيح من الطبري
(٢) لم ترد في الحلبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>