الكوفة نحو أذربيجان وأرمينية، حين نقضوا العهد فوطئ بلادهم وأغار بأراضى تلك الناحية فغنم وسبى وأخذ أموالا جزيلة فلما أيقنوا بالهلكة صالحهم أهلها على ما كانوا صالحوا عليه حذيفة بن اليمان ثمانمائة ألف درهم في كل سنة فقبض منهم جزية سنة ثم رجع سالما غانما الى الكوفة، فمر بالموصل.
وجاءه كتاب عثمان وهو بها يأمره أن يمد أهل الشام على حرب أهل الروم. قال ابن جرير: وفي هذه السنة جاشت الروم حتى خاف أهل الشام وبعثوا إلى عثمان ﵁ يستمدونه فكتب إلى الوليد بن عقبة: أن إذا جاءك كتابي هذا فابعث رجلا أمينا كريما شجاعا في ثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف إلى إخوانكم بالشام. فقام الوليد بن عقبة في الناس خطيبا حين وصل إليه كتاب عثمان فأخبرهم بما أمره به أمير المؤمنين وندب الناس وحثهم على الجهاد ومعاونة معاوية وأهل الشام، وأمرّ سلمان بن ربيعة على الناس الذين يخرجون إلى الشام فانتدب في ثلاثة أيام ثمانية آلاف فبعثهم إلى الشام وعلى جند المسلمين حبيب بن مسلم الفهري، فلما اجتمع الجيشان شنوا الغارات على بلاد الروم فغنموا وسبوا شيئا كثيرا وفتحوا حصونا كثيرة ولله الحمد.
وزعم الواقدي أن الّذي أمد أهل الشام بسلمان بن ربيعة إنما هو سعيد بن العاص عن كتاب عثمان ﵁ فبعث سعيد بن العاص سلمان بن ربيعة بستة آلاف فارس حتى انتهى إلى حبيب ابن مسلمة وقد أقبل إليه الموريان الرومي في ثمانين ألفا من الروم والترك، وكان حبيب بن مسلمة شجاعا شهما فعزم على أن يبيت جيش الروم فسمعته امرأته يقول للأمراء ذلك فقالت له: فأين موعدي معك - تعنى أين أجتمع بك غدا - فقال لها: موعدك سرادق الموريان أو الجنة، ثم نهض إليهم في ذلك الليل بمن معه من المسلمين فقتل من أشرف له وسبقته امرأته إلى سرادق الموريان فكانت أول امرأة من العرب ضرب عليها سرادق وقد مات عنها حبيب بن مسلمة بعد ذلك، فخلف عليها بعده الضحاك بن قياس الفهري، فهي أم ولده. قال ابن جرير: واختلف فيمن حج بالناس في هذه السنة فقال الواقدي وأبو معشر: حج بهم عبد الرحمن بن عوف بأمر عثمان. وقال آخرون: حج بالناس عثمان بن عفان ﵁. والأول هو الأشهر فان عثمان لم يتمكن من الحج في هذه السنة لأجل رعاف أصابه مع الناس في هذه السنة حتى خشي عليه وكان يقال لهذه السنة سنة الرعاف، وفيها افتتح أبو موسى الأشعري الري بعد ما نقضوا العهد الّذي كان واثقهم عليه حذيفة ابن اليمان ﵁، وفيها توفى سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ويكنى بأبي سفيان، كان ينزل قديدا وهو الّذي اتبع رسول الله ﷺ وأبا بكر وعامر بن فهيرة وعبد الله بن أريقط الديليّ حين خرجوا من غار ثور قاصدين المدينة فأراد أن يردهم على أهل مكة لما جعلوا في كل واحد من النبي ﷺ، وأبى بكر مائة مائة من الإبل، فطمع أن يفوز بهذا الجعل فلم يسلطه الله عليهم، بل