للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلِيٌّ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: فَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمْرَةِ مِنْ عُثْمَانَ، وَعُثْمَانُ مُعْتَدٍ فِي وِلَايَتِهِ مَا لَيْسَ لَهُ.

فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ وَأَظْهَرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ. فَافْتُتِنَ بِهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَكَتَبُوا إِلَى جَمَاعَاتٍ مِنْ عَوَامِّ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَتَمَالَئُوا عَلَى ذَلِكَ، وَتَكَاتَبُوا فِيهِ، وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَجْتَمِعُوا فِي الْإِنْكَارِ عَلَى عُثْمَانَ، وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ مَنْ يُنَاظِرُهُ وَيَذْكُرُ لَهُ مَا يَنْقِمُونَ عَلَيْهِ مِنْ تَوْلِيَتِهِ أَقْرِبَاءَهُ وَذَوِي رَحِمِهِ وَعَزْلِهِ كِبَارَ الصَّحَابَةِ. فَدَخَلَ هَذَا فِي قُلُوبِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، فَجَمَعَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ نُوَّابَهُ مِنَ الْأَمْصَارِ فَاسْتَشَارَهُمْ فأشاروا عليه بما تقدم ذكرنا له فاللَّه أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا كانت سنة أربع وثلاثين أكثر الناس في المقالة على عثمان بن عفان وَنَالُوا مِنْهُ أَقْبَحَ مَا نِيلَ مِنْ أَحَدٍ، فَكَلَّمَ النَّاسُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إن الناس ورائي وقد كلموني فيك، وو الله مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ، وَمَا أَعْرِفُ شَيْئًا تَجْهَلُهُ، وَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرُكَ عَنْهُ، وَلَا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فنبلغكه، وما خصصنا بأمور خفي عنك، إدراكها وَقَدْ رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِلْتَ صِهْرَهُ، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ بِأَوْلَى بِعَمَلِ أَلْحَقِّ مِنْكَ، وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ مِنْكَ، وَإِنَّكَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمًا، وَلَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَنَالَا، وَلَا سَبَقَاكَ إِلَى شَيْءٍ، فاللَّه اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا تُبْصِرُ مِنْ عَمَى، وَلَا تَعْلَمُ مِنْ جَهْلٍ.

وَإِنَّ الطَّرِيقَ لِوَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَإِنَّ أَعْلَامَ الدِّينِ لِقَائِمَةٌ، تَعْلَمُ يَا عُثْمَانُ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَى، فَأَقَامَ سنة معلومة، وأمات بدعة معلومة، فو الله إِنَّ كُلًّا لَبَيِّنٌ، وَإِنَّ السُّنَنَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَقَائِمَةٌ لَهَا أَعْلَامٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وأضل بِهِ فَأَمَاتَ سُنَّةً مَعْلُومَةً وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْإِمَامِ الْجَائِرِ وَلَيْسَ مَعَهُ نَصِيرٌ وَلَا عَاذِرٌ، فَيُلْقَى فِي جَهَنَّمَ فَيَدُورُ فِيهَا كَمَا تَدُورُ الرَّحَا ثُمَّ يَرْتَطِمُ فِي غَمْرَةِ جَهَنَّمَ، وَإِنِّي أُحَذِّرُكَ اللَّهَ وأحذرك سطوته ونقمته، فإن عذابه أليم شديد، وَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ إِمَامَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَقْتُولَ، فَإِنَّهُ كَانَ يُقَالُ يُقْتَلُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إِمَامٌ فَيُفْتَحُ عَلَيْهَا الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتُلَبَّسُ أُمُورُهَا عَلَيْهَا، وَيُتْرَكُونَ شِيَعًا لَا يُبْصِرُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، يَمُوجُونَ فِيهَا مَوْجًا، ويمرحون فيها مرحا. فَقَالَ عُثْمَانُ: قَدْ وَاللَّهِ عَلِمْتُ لَتَقُولَنَّ الَّذِي قُلْتَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُنْتَ مَكَانِي مَا عَنَّفْتُكَ وَلَا أَسْلَمْتُكَ، وَلَا عِبْتُ عَلَيْكَ، وَلَا جئت منكرا، إني وَصَلْتُ رَحِمًا، وَسَدَدْتُ خَلَّةً، وَأَوَيْتُ ضَائِعًا، وَوَلَّيْتُ شَبِيهًا بِمَنْ كَانَ عُمَرُ يُوَلِّي، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيُّ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ لَيْسَ هُنَاكَ؟ قَالَ:

نَعَمْ! قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّ عُمَرَ وَلَّاهُ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: فَلِمَ تلوموني أَنْ وَلَّيْتُ ابْنَ عَامِرٍ فِي رَحِمِهِ وَقَرَابَتِهِ؟ فقال على: سأخبرك أن عمر كان كلما ولى أميرا فإنما يطأ على صماخيه، وأنه إن بلغه حَرْفٌ جَاءَ بِهِ، ثُمَّ بَلَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>