مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَيُقَالُ إِنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ إِنَّمَا بَايَعَاهُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهُمَا وَسَأَلَاهُ أَنْ يُؤَمِّرُهُمَا عَلَى الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ، فقال لهما: بل تكونا عِنْدِي أَسْتَأْنِسُ بِكُمَا، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يُبَايِعْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَسْلَمَةُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَفَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ. ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَدَائِنِيِّ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: هَرَبَ قَوْمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إلى الشام ولم بايعوا عَلِيًّا، وَلَمْ يُبَايِعْهُ قُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قُلْتُ: وَهَرَبَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَآخَرُونَ إِلَى الشَّامِ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: بَايَعَ النَّاسُ عَلِيًّا بِالْمَدِينَةِ، وَتَرَبَّصَ سَبْعَةُ نَفَرٍ لَمْ يُبَايِعُوا، مِنْهُمُ ابْنُ عُمَرَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وصهيب، وزيد بن ثابت، ومحمد بن أبى مَسْلَمَةَ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا بَايَعَ فِيمَا نَعْلَمُ. وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِهِ قَالُوا: بَقِيَتِ المدينة خمسة أيام بعد مقتل عُثْمَانَ وَأَمِيرُهَا الْغَافِقِيُّ بْنُ حَرْبٍ، يَلْتَمِسُونَ مَنْ يُجِيبُهُمْ إِلَى الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ. وَالْمِصْرِيُّونَ يُلِحُّونَ عَلَى عَلِيٍّ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُمْ إِلَى الْحِيطَانِ، وَيَطْلُبُ الْكُوفِيُّونَ الزَّبِيرَ فَلَا يَجِدُونَهُ، وَالْبَصْرِيُّونَ يَطْلُبُونَ طَلْحَةَ فَلَا يُجِيبُهُمْ، فَقَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا نُوَلِّي أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَمَضَوْا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالُوا: إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الشورى فلم يقبل منهم، ثم راحوا إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَحَارُوا فِي أَمْرِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: إِنْ نَحْنُ رَجَعْنَا إِلَى أَمْصَارِنَا بِقَتْلِ عُثْمَانَ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَمْرِهِمْ وَلَمْ نَسْلَمْ، فَرَجَعُوا إِلَى على فألحوا عليه، وأخذ الأشتر بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يَقُولُونَ: أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ الْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ النَّاسِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ:
لَا يَصْلُحُ لَهَا إِلَّا عَلِيٌّ، فَلَمَّا كان يوم الجمعة وصعد على الْمِنْبَرَ بَايَعَهُ مَنْ لَمْ يُبَايِعْهُ بِالْأَمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ طَلْحَةُ بِيَدِهِ الشَّلَّاءِ، فَقَالَ قَائِلٌ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، ٢: ١٥٦ ثُمَّ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ قَالَ الزُّبَيْرُ: إِنَّمَا بَايَعْتُ عَلِيًّا واللج على عنقي والسلام، ثم راح إلى مكة فأقام أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْبَيْعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لخمسة بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ أَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ كِتَابًا هَادِيًا بَيَّنَ فِيهِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَخُذُوا بِالْخَيْرِ وَدَعُوا الشر، إن الله حرم حرما مجهولة، وَفَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْحُرُمِ كُلِّهَا، وَشَدَّ بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ إِلَّا بِالْحَقِّ، لَا يحل لمسلم أَذَى مُسْلِمٍ إِلَّا بِمَا يَجِبُ، بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ، وَخَاصَّةُ أَحَدِكُمُ الْمَوْتُ، فَإِنَّ النَّاسَ أَمَامَكُمْ، وإنما خلفكم الساعة تحدو بكم فتخففوا تلحقوا، فإنما ينتظر بالناس أُخْرَاهُمُ، اتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَهُ فِي عِبَادِهِ وَبِلَادِهِ، فإنكم مسئولون حتى عن البقاع والبهائم، ثم أَطِيعُوا اللَّهَ وَلَا تَعْصُوهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute