للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخليفة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، فالله الله في حقكم أن تضيعوه، وفي دمكم أن تطلوه، وكتب إلى أجناد الشام فحضروا، وعقدت الألوية والرايات للأمراء، وتهيأ أهل الشام وتأهبوا، وخرجوا أيضا إلى نحو الفرات من ناحية صفين - حيث يكون مقدم على بن أبى طالب وسار على بمن معه من الجنود من النخيلة قاصدا أرض الشام. قال أبو إسرائيل عن الحكم ابن عيينة: وكان في جيشه ثمانون بدريا ومائة وخمسون ممن بايع تحت الشجرة. رواه ابن ديزيل.

وقد اجتاز في طريقه براهب فكان من أمره ما ذكره الحسين بن ديزيل في كتابه فيما رواه عن يحيى ابن عبد الله الكرابيسي عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد حدثني مسلم الأعور عن حبة العرني قال: لما أتى على الرقة نزل بمكان يقال له البلبخ على جانب الفرات فنزل إليه راهب من صومعته

فقال لعلى: إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم ، أعرضه عليك؟ فقال على: نعم! فقرأ الراهب الكتاب.

«بسم الله الرحمن الرحيم الّذي قضى فيما قضى وسطر فيما سطر، وكتب فيما كتب أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل شرف، وفي كل صعود وهبوط، تذل ألسنتهم بالتهليل والتكبير، وينصره الله على كل من ناوأه فإذا توفاه الله اختلفت أمته ثم اجتمعت فلبثت بذلك ما شاء الله ثم اختلفت ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضى بالحق ولا ينكس الحكم، الدنيا أهون عليه من الرماد أو قال التراب - في يوم عصفت فيه الريح - والموت أهون عليه من شرب الماء، يخاف الله في السر، وينصح في العلانية، ولا يخاف في الله، لومة لائم، فمن أدرك ذلك النبي من أهل البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فان القتل معه شهادة» ثم قال لعلى: فأنا أصاحبك فلا أفارقك حتى يصيبني ما أصابك.

فبكى على ثم قال: الحمد لله الّذي لم يجعلني عنده نسيا منسيا، والحمد لله الّذي ذكرني عنده في كتب الأبرار. فمضى الراهب معه وأسلم فكان مع على حتى أصيب يوم صفين، فلما خرج الناس يطلبون قتلاهم قال على: اطلبوا الراهب، فوجدوه قتيلا، فلما وجدوه صلى عليه ودفنه واستغفر له. وقد بعث على بين يديه زياد بن النضر الحارثي طليعة في ثمانية آلاف، ومعه شريح بن هاني، في أربعة آلاف، فساروا في طريق بين يديه غير طريقه، وجاء على فقطع دجلة من جسر منبج وسارت المقدمتان،

فبلغهم أن معاوية قد ركب في أهل الشام ليلتقى أمير المؤمنين عليا فهموا بلقياه فخافوا من قلة عددهم بالنسبة إليه، فعدلوا عن طريقهم وجاءوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات فساروا

<<  <  ج: ص:  >  >>