عليّ إلى منزله، وحمل إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف - قبحه الله - فقال له: أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال: بلى قال. فما حملك على هذا: قال؟ شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه،
فقال له على لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلق الله، ثم قال: إن مت فاقتلوه وإن عشت فانا أعلم كيف أصنع به، فقال جندب بن عبد الله:
يا أمير المؤمنين إن مت نبايع الحسن؟ فقال لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر. ولما احتضر على جعل يكثر من قول لا إله إلا الله، لا يتلفظ بغيرها. وقد قيل إن آخر ما تكلم به ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾. وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة والزكاة وكظم الغيظ وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبت في الأمر، والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، واجتناب الفواحش، ووصاهما بأخيهما محمد بن الحنفية ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما ولا يقطع أمرا دونهما وكتب ذلك كله في كتاب وصيته ﵁ وأرضاه.
وصورة الوصية:«بسم الله الرحمن الرحيم! هذا ما أوصى به على بن أبى طالب أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، أوصيك يا حسن وجميع ولدى ومن بلغه كتابي بتقوى الله ربكم ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فانى سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: «إن صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام» انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوها يهون الله عليكم الحساب الله الله في الأيتام فلا تعفو أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم، والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا، والله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في ذمة نبيكم لا تظلمن بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم فان رسول الله ﷺ أوصى بهم، والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معاشكم، والله الله فيما ملكت أيمانكم فان آخر ما تكلم به رسول الله ﷺ أن قال:
«أوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت أيمانكم» الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغى عليكم، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فيولي الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم