الى عصا قسمها من طرفها * ثم وضعها في أدنى الحوض ثم أوردها فسقاها ووقف موسى ﵇ بإزاء الحوض فلم يصدر منها شاة الأضرب جنبها شاة شاة قال فاتمئت وآنثت (١) ووضعت كلها قوالب ألوان إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش ولا ضبوب ولا عزوز ولا ثعول ولا كموش تفوت الكف
قال النبي ﷺ لو اقتحمتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم وهي السامرية. قال ابن لهيعة الفشوش واسعة السخب والضبوب طويلة الضرع تجره والعزوز ضيقة السخب والثعول الصغيرة الضرع كالحلمتين والكموش التي لا يحكم الكف على ضرعها لصغره وفي صحة رفع هذا الحديث نظر * وقد يكون موقوفا كما قال ابن جرير حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبى عن قتادة حدثنا أنس بن مالك قال لما دعا نبي الله موسى صاحبه الى الأجل الّذي كان بينهما قال له صاحبه كل شاة ولدت على لونها فلك ولدها فعمد فوضع خيالا على الماء فلما رأت الخيال فزعت فجالت جولة فولدن كلهن بلقا الا شاة واحدة فذهب بأولادهن ذلك العام وهذا إسناد رجاله ثقات والله أعلم.
وقد تقدم عن نقل أهل الكتاب عن يعقوب ﵇ حين فارق خاله لابان أنه أطلق له ما يولد من غنمه بلقا ففعل نحو ما ذكر عن موسى ﵇ فالله أعلم. ﴿فَلَمّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ اُمْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ * اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاُضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ﴾. تقدم أن موسى قضى أتم الأجلين وأكملهما وقد يؤخذ هذا من قوله ﴿فَلَمّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ وعن مجاهد أنه أكمل عشرا وعشرا بعدها. وقوله ﴿وَسارَ بِأَهْلِهِ﴾ أي من عند صهره ذاهبا فيما ذكره غير واحد من المفسرين وغيرهم أنه اشتاق الى أهله فقصد زيارتهم ببلاد مصر في صورة مختف فلما سار بأهله ومعه ولدان منهم وغنم قد استفادها مدة مقامه قالوا واتفق ذلك في ليلة مظلمة باردة وتاهوا في طريقهم فلم يهتدوا الى السلوك في الدرب المألوف وجعل يورى زناده فلا يورى شيئا واشتد الظلام والبرد فبينما هو كذلك إذ أبصر عن بعد نارا تأجج في جانب الطور وهو الجبل الغربي منه عن يمينه ف ﴿قالَ لِأَهْلِهِ اُمْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً﴾ وكأنه والله أعلم رآها دونهم لأن هذه النار هي نور في الحقيقة ولا يصلح رؤيتها لكل أحد ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ﴾ أي لعلى أستعلم من عندها عن الطريق ﴿أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ فدل على أنهم كانوا قد تاهوا عن الطريق في ليلة باردة ومظلمة لقوله في الآية الأخرى
(١) هكذا بالنسخة الحلبية. وفي النسخة المصرية فاغنت وانبثت فليحرر