للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس وآمن عمرو بن العاص»

وقال أيضا: ثنا إسحاق بن منصور ثنا أبو أسامة عن نافع عن عمر الجمحيّ عن ابن أبى مليكة. قال قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله يقول: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش»

وفي الحديث الآخر: «ابنا العاص مؤمنان»

وفي الحديث الآخر:

«نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله». رووه في فضائل عمرو بن العاص. ثم إن الصديق بعثه في جملة من بعث من أمراء الجيش إلى الشام فكان ممن شهد تلك الحروب، وكانت له الآراء السديدة، والمواقف الحميدة، والأحوال السعيدة. ثم بعثه عمر إلى مصر فافتتحها واستنابه عليها، وأقره فيها عثمان بن عفان أربع سنين ثم عزله كما قدمنا، وولى عليها عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فاعتزل عمرو بفلسطين وبقي في نفسه من عثمان . فلما قتل سار إلى معاوية فشهد مواقفه كلها بصفين وغيرها، وكان هو أحد الحكمين. ثم لما أن استرجع معاوية مصر وانتزعها من يد محمد بن أبى بكر، استعمل عمرو بن العاص عليها فلم يزل نائبها إلى أن مات في هذه السنة على المشهور، وقيل إنه توفى سنة سبع وأربعين، وقيل سنة ثمان وأربعين. وقيل سنة إحدى وخمسين . وقد كان معدودا من دهاة العرب وشجعانهم وذوى آرائهم. وله أمثال حسنة وأشعار جيدة. وقد روى عنه أنه قال: حفظت من رسول الله ألف مثل، ومن شعره:

إذا المرء لم يترك طعاما يحبه … ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما

قضى وطرا منه وغادر سبة … إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما

وقال الامام أحمد: حدثنا على بن إسحاق ثنا عبد الله - يعنى ابن المبارك - أنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبى حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة حدثه قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال له ابنه عبد الله: لم تبكى؟ أجزعا على الموت؟ فقال: لا والله ولكن مما بعد الموت، فقال له: قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله وفتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله شهادة أن لا إله إلا الله، إني كنت على ثلاثة أطباق ليس فيها طبق إلا عرفت نفسي فيه، كنت أول قريش كافرا، وكنت أشد الناس على رسول الله فلو مت حينئذ وجبت لي النار، فلما بايعت رسول الله كنت أشد الناس حياء منه، فما ملأت عيني من رسول الله ولا راجعته فيما أريد حتى لحق بالله حياء، فلو مت يومئذ قال الناس: هنيئا لعمرو أسلم وكان على خير فمات عليه نرجو له الجنة. ثم تلبست بعد ذلك بالسلطان وأشياء فلا أدرى عليّ أم لي، فإذا مت فلا تبكين على باكية، ولا يتبعني مادح ولا نار، وشدوا على إزاري فانى مخاصم، وشنوا على التراب شنا، فان جنبي الأيمن ليس أحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشبة ولا حجرا، وإذا واريتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور أستأنس بكم. وقد روى مسلم هذا الحديث في صحيحه من

<<  <  ج: ص:  >  >>