للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده ومعه السيف متقلدا به يحاجف عن عثمان فخشي عثمان عليه فأقسم عليه ليرجعن إلى منزلهم تطييبا لقلب على، وخوفا عليه .

وكان على يكرم الحسن إكراما زائدا، ويعظمه ويبجله وقد قال له يوما: يا بنى ألا تخطب حتى أسمعك؟ فقال: إني أستحيى أن أخطب وأنا أراك، فذهب على فجلس حيث لا يراه الحسن ثم قام الحسن في الناس خطيبا وعليّ يسمع، فأدى خطبة بليغة فصيحة فلما انصرف جعل على يقول: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. وقد كان ابن عباس يأخذ الركاب للحسن والحسين إذا ركبا، ويرى هذا من النعم عليه. وكانا إذا طافا بالبيت يكاد الناس يحطمونهما مما يزدحمون عليهما، وأرضاهما. وكان ابن الزبير يقول:

والله ما قامت النساء عن مثل الحسن بن على. وقال غيره: كان الحسن إذا صلى الغداة في مسجد رسول الله يجلس في مصلاه يذكر الله حتى ترتفع الشمس، ويجلس إليه من يجلس من سادات الناس يتحدثون عنده، ثم يقوم فيدخل على أمهات المؤمنين فيسلم عليهنّ وربما أتحفنه ثم ينصرف إلى منزله. ولما نزل لمعاوية عن الخلافة من ورعه صيانة لدماء المسلمين، كان له على معاوية في كل عام جائزة، وكان يفد إليه، فربما أجازه بأربعمائة ألف درهم، وراتبه في كل سنة مائة ألف، فانقطع سنة عن الذهاب وجاء وقت الجائزة فاحتاج الحسن إليها - وكان من أكرم الناس - فأراد أن يكتب إلى معاوية ليبعث بها إليه، فلما نام تلك الليلة رأى رسول الله في المنام فقال له: يا بنى أتكتب إلى مخلوق بحاجتك؟ وعلمه دعاء يدعو به» فترك الحسن. ما كان همّ به من الكتابة، فذكره معاوية وافتقده، وقال: ابعثوا إليه بمائتي ألف فلعل له ضرورة في تركه القدوم علينا، فحملت إليه من غير سؤال.

قال صالح بن أحمد: سمعت أبى يقول: الحسن بن على مدني ثقة. حكاه ابن عساكر في تاريخه، قالوا:

وقاسم الله ماله ثلاث مرات، وخرج من ماله مرتين، وحج خمسا وعشرين مرة ماشيا وإن الجنائب لتقاد بين يديه. وروى ذلك البيهقي من طريق عبيد الله بن عمير عن ابن عباس. وقال على بن زيد بن جدعان: وقد علق البخاري في صحيحه أنه حج ماشيا والجنائب تقاد بين يديه، وروى داود بن رشيد عن حفص عن جعفر بن محمد عن أبيه. قال: حج الحسن بن على ماشيا والجنائب تقاد بين يديه ونجائبه تقاد إلى جنبه.

وقال العباس بن الفضل عن القاسم عن محمد بن على قال قال الحسن بن على: إني لأستحيى من ربى أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرة إلى المدينة على رجليه، قالوا: وكان يقرأ في بعض خطبه سورة إبراهيم، وكان يقرأ كل ليلة سورة الكهف قبل أن ينام، يقرؤها من لوح كان يدور معه حيث كان من بيوت نسائه، فيقرؤه بعد ما يدخل في الفراش قبل أن ينام . وقد كان من الكرم على جانب عظيم، قال محمد بن سيرين:

ربما أجاز الحسن بن على الرجل الواحد بمائة ألف. وقال سعيد بن عبد العزيز: سمع الحسن رجلا

<<  <  ج: ص:  >  >>