للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الجبل.

وقال محمد بن سعد: أنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن ابن عون عن محمد بن إسحاق قال: ما تكلم عندي أحد كان أحب إلى إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن على، وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة، فإنه كان بينه وبين عمرو بن عثمان خصومة فقال: ليس له عندنا إلا ما رغم أنفه، فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه قط.

قال محمد بن سعد: وأنا الفضل بن دكين أنا مساور الجصاص عن رزين بن سوار. قال: كان بين الحسن ومروان خصومة فجعل مروان يغلظ للحسن وحسن ساكت، فامتخط مروان بيمينه، فقال له الحسن: ويحك! أما علمت أن اليمنى للوجه، والشمال للفرج؟ أف لك، فسكت مروان.

وقال أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قيل للحسن بن على: إن أبا ذر يقول: الفقر أحب إلي من الغنى، والسقم أحب إلي من الصحة، فقال: رحم الله أبا ذر أما أنا فأقول: من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمكن أن يكون في غير الحالة التي اختار الله له. وهذا أحد الوقوف على الرضا بما تعرف به القضاء.

وقال أبو بكر محمد بن كيسان الأصم: قال الحسن ذات يوم لأصحابه: إني أخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني، وكان عظيم ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجا عن سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان خارجا عن سلطان فرجه، فلا يستخف له عقله ولا رأيه، وكان خارجا عن سلطان جهله فلا يمد يدا إلا على ثقة المنفعة، ولا يخطو خطوة إلا لحسنة، وكان لا يسخط ولا يتبرم، كان إذا جامع العلماء يكون على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلم، وكان إذا غلب على الكلام لم يغلب على الصمت، كان أكثر دهره صامتا، فإذا قال يذر القائلين، وكان لا يشارك في دعوى، ولا يدخل في مراء، ولا يدلى بحجة، حتى يرى قاضيا يقول ما لا يفعل، ويفعل ما لا يقول، تفضلا وتكرما، كان لا يغفل عن إخوانه، ولا يستخص بشيء دونهم. كان لا يكرم أحدا فيما يقع العذر بمثله، كان إذا ابتدأه أمر ان لا يرى أيهما أقرب إلى الحق نظر فيما هو أقرب إلى هواه فخالفه. رواه ابن عساكر والخطيب.

وقال أبو الفرج المعافى بن زكريا الحريري: ثنا بدر بن الهيثم الحضرميّ ثنا على بن المنذر الطريفي ثنا عثمان ابن سعيد الدارميّ ثنا محمد بن عبد الله أبو رجاء - من أهل تستر - ثنا شعبة بن الحجاج الواسطي عن أبى إسحاق الهمدانيّ عن الحارث الأعور أن عليا سأل ابنه - يعنى الحسن - عن أشياء من المروءة فقال: يا بنى ما السداد؟ قال: يا أبة السداد دفع المنكر بالمعروف، قال: فما الشرف؟ قال:

اصطناع العشيرة وحمل الجريرة. قال: فما المروءة؟ قال: العفاف وإصلاح المرء ماله. قال: فما الدنيئة؟ قال: النظر في اليسير ومنع الحقير. قال: فما اللوم؟ قال: احتراز المرء نفسه وبذله عرسه.

قال: فما السماحة؟ قال: البذل في العسر واليسر. قال: فما الشح؟ قال: أن ترى ما في يديك سرفا وما أنفقته تلفا. قال: فما الإخاء؟ قال: الوفاء في الشدة والرخاء. قال: فما الجبن؟ قال: الجرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>