للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعلموه أن رسول الله بالباب فجعلوا يسخرون منه ويستهزءون به.

وقد زعم بعضهم أنه لم يؤذن لهما عليه إلا بعد حين طويل. وقال محمد بن إسحاق أذن لهما بعد سنتين لأنه لم يك أحد يتجاسر على الاستئذان لهما فالله أعلم * ويقال إن موسى تقدم الى الباب فطرقه بعصاه فانزعج فرعون وأمر بإحضارهما فوقفا بين يديه فدعواه الى الله ﷿ كما أمرهما.

وعند أهل الكتاب أن الله قال لموسى إن هارون اللاوى يعنى من نسل لاوى بن يعقوب سيخرج ويتلقاك وأمره أن يأخذ معه مشايخ بنى إسرائيل الى عند فرعون وأمره أن يظهر ما أتاه من الآيات * وقال له سأقسى قلبه فلا يرسل الشعب وأكثر آياتي وأعاجيبى بأرض مصر * وأوحى الله الى هارون أن يخرج الى أخيه يتلقاه بالبرية عند جبل حوريب فلما تلقاه أخبره موسى بما أمره به ربه * فلما دخلا مصر جمعا شيوخ بنى إسرائيل وذهبا الى فرعون فلما بلغاه رسالة الله قال من هو الله لا أعرفه ولا أرسل بنى إسرائيل. وقال الله مخبرا عن فرعون ﴿قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى * قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى * قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى * قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتّى * كُلُوا وَاِرْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى * مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى﴾ يقول تعالى مخبرا عن فرعون إنه أنكر إثبات الصانع تعالى قائلا ﴿فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى * قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى﴾ أي هو الّذي خلق الخلق وقدر لهم أعمالا وأرزاقا وآجالا * وكتب ذلك عنده في كتابه اللوح المحفوظ ثم هدى كل مخلوق الى ما قدره له فطابق عمله فيهم على الوجه الّذي قدره وعلمه لكمال علمه وقدرته وقدره وهذه الآية كقوله تعالى ﴿سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى﴾ أي قدر قدرا وهدى الخلائق اليه ﴿قالَ فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى﴾ يقول فرعون لموسى فإذا كان ربك هو الخالق المقدر الهادي الخلائق لما قدره وهو بهذه المثابة من انه لا يستحق العبادة سواه فلم عبد الأولون غيره وأشركوا به من الكواكب والأنداد ما قد علمت فهلا اهتدى الى ما ذكرته القرون الأولى ﴿قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى﴾ أي هم وان عبدوا غيره فليس ذلك بحجة لك ولا يدل على خلاف ما أقول لأنهم جهلة مثلك كل شيء فعلوه مستطر عليهم في الزبر من صغير وكبير وسيجزيهم على ذلك ربى ﷿ ولا يظلم أحدا مثقال ذرة لأن جميع أفعال العباد مكتوبة عنده في كتاب لا يضل عنه شيء ولا ينسى ربى شيئا. ثم ذكر له عظمة الرب وقدرته على خلق الأشياء وجعله الأرض مهادا والسماء سقفا محفوظا وتسخيره السحاب والأمطار لرزق العباد ودوابهم وأنعامهم كما قال ﴿كُلُوا وَاِرْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى﴾ أي لذوي العقول

<<  <  ج: ص:  >  >>