للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله، وفيه: ثم خرج سعد فأرى الناس ما به من القروح في ظهره ليعتذر إليهم. وقال هشيم عن أبى بلح عن مصعب بن سعد أن رجلا نال من على فنهاه سعد فلم ينته، فقال سعد: أدعو عليك، فلم ينته، فدعا الله عليه حتى جاء بعير ناد فتخبطه. وجاء من وجه آخر عن عامر بن سعد أن سعدا رأى جماعة عكوفا على رجل فأدخل رأسه من بين اثنين فإذا هو يسب عليا وطلحة والزبير، فنهاه عن ذلك فلم ينته، فقال: أدعو عليك، فقال الرجل: تتهددنى كأنك نبي؟ فانصرف سعد فدخل دار آل فلان فتوضأ وصلى ركعتين ثم رفع يديه فقال: اللهمّ إن كنت تعلم أن هذا الرجل قد سب أقواما قد سبق لهم منك سابقة الحسنى، وأنه قد أسخطك سبه إياهم، فاجعله اليوم آية وعبرة. قال: فخرجت بختية نادة من دار آل فلان لا يردها شيء حتى دخلت بين أضعاف الناس، فافترق الناس فأخذته بين قوائمها، فلم يزل تتخبطه حتى مات. قال: فلقد رأيت الناس يشتدون وراء سعد يقولون: استجاب الله دعاءك يا أبا إسحاق. ورواه حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب فذكر نحوه.

وقال أبو بكر بن أبى الدنيا: حدثني الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر القرشي ثنا عبد الرزاق عن أبيه عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف أن امرأة كانت تطلع على سعد فنهاها فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها في قفاها. وقال كثير النوري: عن عبد الله بن بديل قال: دخل سعد على معاوية فقال له: مالك لم تقاتل معنا؟ فقال: إني مرت بى ريح مظلمة فقلت: أخ أخ.

فأنخت راحلتي حتى انجلت عنى ثم عرفت الطريق فسرت، فقال معاوية: ليس في كتاب الله:

أخ أخ. ولكن قال الله تعالى ﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ﴾ فو الله ما كنت مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لأقاتل رجلا

قال له رسول الله : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي». فقال معاوية: من سمع هذا معك؟ فقال: فلان وفلان وأم سلمة. فقال معاوية: أما إني لو سمعته منه لما قاتلت عليا. وفي رواية من وجه آخر أن هذا الكلام كان بينهما وهما بالمدينة في حجة حجها معاوية، وأنهما قاما إلى أم سلمة فسألاها فحدثتهما بما حدث به سعد، فقال معاوية: لو سمعت هذا قبل هذا اليوم لكنت خادما لعلى حتى يموت أو أموت.

وفي إسناد هذا ضعف والله أعلم. وقد روى عن سعد أنه سمع رجلا يتكلم في على وفي خالد فقال:

إنه لم يبلغ ما بيننا إلى ديننا. وقال محمد بن سيرين: طاف سعد على تسع جوار في ليلة فلما انتهى إلى العاشرة أخذه النوم فاستحيت أن توقظه.

ومن كلامه الحسن أنه قال لابنه مصعب: يا بنى إذا طلبت شيئا فاطلبه بالقناعة، فإنه من لا قناعة له لم يغنه المال. وقال حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن معصب بن سعد. قال: كان رأس أبى

<<  <  ج: ص:  >  >>