مات وهو شهيد» وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وروى غير واحد عن أبى هريرة أنه كان يتعوذ في سجوده أن يزني أو يسرق، أو يكفر أو يعمل كبيرة. فقيل له: أتخاف ذلك؟ فقال:
ما يؤمنني وإبليس حي، ومصرّف القلوب يصرفها كيف يشاء؟. وقالت له ابنته: يا أبة إن البنات يعيرننى يقلن: لم لا يحليك أبوك بالذهب؟ فقال: يا بنية قولي لهن. إن أبى يخشى على حر اللهب وقال أبو هريرة أتيت عمر بن الخطاب فقمت له وهو يسبح بعد الصلاة فانتظرته فلما انصرف دنوت منه فقلت: اقرئنى آيات من كتاب الله، قال: وما أريد إلا الطعام، قال فأقرأنى آيات من سورة آل عمران، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب، فقلت: ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام، فلم أر شيئا،
فلما طال عليّ قمت فمشيت فاستقبلني رسول الله ﷺ فكلمني فقال:«يا أبا هريرة إن خلوف فمك الليلة لشديد؟ فقلت: أجل يا رسول الله، لقد ظللت صائما وما أفطرت بعد، وما أجد ما أفطر عليه، قال: فانطلق، فانطلقت معه حتى أتى بيته فدعا جارية له سوداء فقال: ايتنا بتلك القصعة، فأتينا بقصعة فيها وضر من طعام أراه شعيرا قد أكل وبقي في جوانبها بعضه وهو يسير، فسميت وجعلت أتتبعه فأكلت حتى شبعت». وقال الطبراني: ثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن محمد بن سيرين أن أبا هريرة قال لابنته: لا تلبسي الذهب فانى أخشى عليك حر اللهب. وقد روى هذا عن أبى هريرة من طرق. وقال الإمام أحمد: حدثنا حجاج ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن أبى الربيع عن أبى هريرة أنه قال: إن هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم - يعنى الشهوات وما يأكلونه - وروى الطبراني عن ابن سيرين عن أبى هريرة أن عمر بن الخطاب دعاه ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل وقد عمل من هو خير منك؟ - أو قال: قد طلبه من هو خير منك -؟ قال: من؟ قال: يوسف ﵇ فقال أبو هريرة: يوسف نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، فأخشى ثلاثا أو اثنتين. فقال عمر: أفلا قلت خمسا؟ قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضى بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينتزع مالي، ويشتم عرضي.
وقال سعيد بن أبى هند عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال له:«ألا تسألنى من هذه الغنائم التي سألني أصحابك؟ فقلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، قال: فنزع نمرة على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأنى إلى القمل يدب عليها، فحدثني حتى إذا استوعب حديثه قال:
اجمعها إليك فصرها، فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني». وقال أبو عثمان النهدي: قلت لأبى هريرة: كيف تصوم؟ قال: أصوم أول الشهر ثلاثا فان حدث بى حدث كان لي أجر شهري.
وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبى عثمان النهدي أن أبا هريرة كان في سفر ومعه قوم فلما نزلوا وضعوا السفرة وبعثوا إليه ليأكل معهم فقال: إني صائم، فلما كادوا أن يفرغوا من أكلهم جاء فجعل