للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشكوته إليك، رغبة فيه إِلَيْكَ عَمَّنْ سِوَاكَ، فَفَرَّجْتَهُ وَكَشَفَتْهُ وَكَفَيْتَنِيهِ، فَأَنْتَ لي وَلِيُّ كُلِّ نِعْمَةٍ، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسَنَةٍ، وَمُنْتَهَى كُلِّ غَايَةٍ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ بَعْضِ مَشْيَخَتِهِ. قَالَ قَالَ الْحُسَيْنُ حِينَ نَزَلُوا كَرْبَلَاءَ: مَا اسْمُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ قَالُوا كَرْبَلَاءُ، قَالَ:

كَرْبٌ وَبَلَاءٌ. وَبَعَثَ عُبَيْدُ الله بن زياد عمر بن سعد لقتالهم، فقال له الْحُسَيْنُ: يَا عُمَرُ اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، إِمَّا أَنْ تَتْرُكَنِي أَرْجِعُ كَمَا جِئْتُ، فَإِنْ أَبَيْتَ هَذِهِ فَسَيِّرْنِي إِلَى يَزِيدَ فَأَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ فَيَحْكُمَ فِيَّ مَا رَأَى، فَإِنْ أَبَيْتَ هَذِهِ فَسَيِّرْنِي إِلَى التُّرْكِ فَأُقَاتِلَهُمْ حَتَّى أَمُوتَ. فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ بِذَلِكَ، فَهَمَّ أَنْ يُسَيِّرَهُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ شَمِرُ بْنُ ذِي الْجَوْشَنِ: لَا! إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ على حكمك، فأرسل إلى الحسين بِذَلِكَ فَقَالَ الْحُسَيْنُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ، وَأَبْطَأَ عمر عن قتاله فأرسل ابن زياد شمر بن ذي الجوشن وقال لَهُ: إِنْ تَقَدَّمَ عُمَرُ فَقَاتَلَ وَإِلَّا فَاقْتُلْهُ وكن مكانه، فقد وليتك الامرة. وَكَانَ مَعَ عُمَرَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا من أعيان أهل الكوفة، فقالوا له: يَعْرِضُ عَلَيْكُمُ ابْنُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ خِصَالٍ فَلَا تَقْبَلُوا منها شيئا؟ فتحولوا مع الحسين يقاتلون مَعَهُ.

وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حُصَيْنٍ. قال: أدركت من مَقْتَلَ الْحُسَيْنِ قَالَ: فَحَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ قَالَ: فَرَأَيْتُ الْحُسَيْنَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ بَرُودٌ وَرَمَاهُ رجل يقال له عمرو ابن خَالِدٍ الطُّهَوِيُّ بِسَهْمٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّهْمِ مُعَلَّقًا بِجُبَّتِهِ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الرَّازِيُّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ثَنَا حُصَيْنٌ أَنَّ الْحُسَيْنَ بَعَثَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ: إِنَّ مَعَكَ مِائَةَ أَلْفٍ. فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عَقِيلٍ فَذَكَرَ قِصَّةَ مَقْتَلِ مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ. قَالَ حُصَيْنٌ: فَحَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ يَسَافٍ أَنَّ ابْنَ زِيَادٍ أمر الناس أن يأخذوا مَا بَيْنَ وَاقِصَةَ إِلَى طَرِيقِ الشَّامِ إِلَى طريق البصرة حفظا فَلَا يَدَعُونَ أَحَدًا يَلِجُ وَلَا أَحَدًا يَخْرُجُ، وَأَقْبَلَ الْحُسَيْنُ وَلَا يَشْعُرُ بِشَيْءٍ حَتَّى أَتَى الْأَعْرَابَ فَسَأَلَهُمْ عَنِ النَّاسِ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَدْرِي، غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَلِجَ وَلَا تَخْرُجَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ يَسِيرُ نَحْوَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَتَلَقَّتْهُ الْخُيُولُ بِكَرْبَلَاءَ فَنَزَلَ يُنَاشِدُهُمُ اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ، قَالَ: وَكَانَ بَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ زِيَادٍ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَشَمِرَ بْنَ ذِي الجوشن وحصين بن نمير، فناشدهم اللَّهَ وَالْإِسْلَامَ أَنْ يُسَيِّرُوهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدَ فَيَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، فَقَالُوا لَهُ: لا! إلا أن تنزل عَلَى حُكْمِ ابْنِ زِيَادٍ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ من معهم الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ الْحَنْظَلِيُّ ثُمَّ النَّهْشَلِيُّ عَلَى خَيْلٍ، فَلَمَّا سَمِعَ مَا يَقُولُ الْحُسَيْنُ قَالَ لهم: ألا تتقون الله؟

أَلَا تَقْبَلُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَا يَعْرِضُونَ عَلَيْكُمْ، والله لو سألتكم هَذَا التُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ مَا حَلَّ لَكُمْ أَنْ تردوهم فأبوا إلا حُكْمِ ابْنِ زِيَادٍ؟ فَضَرَبَ الْحُرُّ وَجْهَ فَرَسِهِ وانطلق إلى الحسين، فَظَنُّوا أَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ لِيُقَاتِلَهُمْ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ قَلَبَ تُرْسَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ كَرَّ على أصحاب ابن زياد فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَذُكِرَ أَنَّ زُهَيْرَ بْنَ الْقَيْنِ الْبَجَلِيَّ لَقِيَ الْحُسَيْنَ وَكَانَ حَاجًّا فَأَقْبَلَ مَعَهُ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ ابن أبى مخرمة

<<  <  ج: ص:  >  >>