للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك واجتمعوا عند المنبر فجعل الرجل منهم يقول: قد خلعت يزيد كما خلعت عمامتي هذه، ويلقيها عن رأسه، ويقول الآخر: قد خلعته كما خلعت نعلى هذه، حتى اجتمع شيء كثير من العمائم والنعال هناك، ثم اجتمعوا على إخراج عامل يزيد من بين أظهرهم، وهو عثمان بن محمد بن أبى سفيان بن عم يزيد، وعلى إجلاء بنى أمية من المدينة، فاجتمعت بنو أمية في دار مروان بن الحكم، وأحاط بهم أهل المدينة يحاصرونهم، واعتزل الناس على بن الحسين «زين العابدين» وكذلك عبد الله بن عمر ابن الخطاب لم يخلعا يزيد، ولا أحد من بيت ابن عمر، وقد قال ابن عمر لأهله: لا يخلعن أحد منكم يزيد فتكون الفيصل ويروى الصيلم بيني وبينه، وسيأتي هذا الحديث بلفظه وإسناده في ترجمة يزيد، وأنكر على أهل المدينة في مبايعتهم لابن مطيع وابن حنظلة على الموت، وقال: إنما كنا نبايع رسول الله على أن لا نفر، وكذلك لم يخلع يزيد أحد من بنى عبد المطلب، وقد سئل محمد بن الحنفية في ذلك فامتنع من ذلك أشد الامتناع، وناظرهم وجادلهم في يزيد ورد عليهم ما اتهموا يزيد به من شرب الخمر وتركه بعض الصلوات كما سيأتي مبسوطا في ترجمة يزيد قريبا إن شاء الله، وكتب بنو أمية إلى يزيد بما هم فيه من الحصر والإهانة، والجوع والعطش، وإنه إن لم يبعث إليهم من ينقذهم مما هم فيه وإلا استؤصلوا عن آخرهم، وبعثوا ذلك مع البريد، فلما قدم بذلك على يزيد وجده جالسا على سريره ورجلاه في ماء يتبرد به مما به من النقرس في رجليه، فلما قرأ الكتاب انزعج لذلك وقال:

ويلك! ما فيهم ألف رجل؟ قال: بلى، قال: فهل لا قاتلوا ساعة من نهار؟ ثم بعث إلى عمرو بن سعيد ابن العاص فقرأ عليه الكتاب واستشاره فيمن يبعثه إليهم، وعرض عليه أن يبعثه إليهم فأبى عليه ذلك، وقال: إن أمير المؤمنين عزلنى عنها وهي مضبوطة وأمورها محكمة، فأما الآن فإنما دماء قريش تراق بالصعيد فلا أحب أن أتولى ذلك منهم، ليتول ذلك من هو أبعد منهم منى، قال: فبعث البريد إلى مسلم بن عقبة المزني وهو شيخ كبير ضعيف فانتدب لذلك وأرسل معه يزيد عشرة آلاف فارس، وقيل اثنا عشر ألفا وخمسة عشر ألف رجل، وأعطى كل واحد منهم مائة دينار وقيل أربعة دنانير، ثم استعرضهم وهو على فرس له، قال المدائني: وجعل على أهل دمشق عبد الله بن مسعدة الفزاري، وعلى أهل حمص حصين بن نمير السكونيّ، وعلى أهل الأردن حبيش بن دلجة القيني، وعلى أهل فلسطين روح بن زنباع الجذامي وشريك الكناني، وعلى أهل قنسرين طريف بن الحسحاس الهلالي، وعليهم مسلم بن عقبة المزني من غطفان، وإنما يسميه السلف مسرف بن عقبة. فقال النعمان بن بشير: يا أمير المؤمنين ولنى عليهم أكفك - وكان العمان أخا عبد الله بن حنظلة لأمه عمرة بنت رواحة - فقال يزيد لا! ليس لهم إلا هذا الغشمة، والله لأقتلنهم بعد إحساني إليهم وعفوي عنهم مرة بعد مرة. فقال النعمان يا أمير المؤمنين أنشدك الله في عشيرتك وأنصار رسول الله . وقال له عبد الله بن جعفر: أرأيت

<<  <  ج: ص:  >  >>