[وقيل إن أعشى همدان قدم على النعمان بن بشير وهو على حمص وهو مريض، فقال له النعمان:
ما أقدمك؟ قال: لتصلنى وتحفظ قرابتي وتقضى ديني، فقال: والله ما عندي، ولكنى سائلهم لك شيئا، ثم قام فصعد المنبر ثم قال: يا أهل حمص، إن هذا ابن عمكم من العراق، وهو مسترفدكم شيئا فما ترون؟ فقالوا: احتكم في أموالنا، فأبى عليهم، فقالوا: قد حكمنا من أموالنا كل رجل دينارين - وكانوا في الدايون عشرين ألف رجل - فعجلها له النعمان من بيت المال أربعين ألف دينار، فلما خرجت أعطياتهم أسقط من عطاء كل رجل منهم دينارين] (١) ومن كلام النعمان بن بشير ﵁ قوله: إن الهلكة كل الهلكة أن تعمل السيئات في زمان البلاء.
وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن أبى رواحة يزيد ابن أيهم عن الهيثم بن مالك الطائي سمعت النعمان بن بشير على المنبر يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن للشيطان مصالى وفخوخا، وإن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم الله، والفخر بعطاء الله، والكبر على عباد الله، واتباع الهوى في غير ذات الله».
ومن أحاديثه الحسان الصحاح ما سمعه من رسول الله ﷺ يقول:«إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله تعالى محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد، ألا وهي القلب». رواه البخاري ومسلم.
وقال أبو مسهر: كان النعمان بن بشير على حمص عاملا لابن الزبير، فلما تملك مروان خرج النعمان هاربا فاتبعه خالد بن خلى الكلاعي فقتله. قال أبو عبيدة وغير واحد: في هذه السنة. وقد روى محمد بن سعد بأسانيده أن معاوية تزوج امرأة جميلة جداً فبعث إحدى امرأتيه - قيسون أو فاختة - لتنظر إليها، فلما رأتها أعجبتها جدا، ثم رجعت إليه فقال: كيف رأيتها؟ قالت: بديعة الجمال، غير أنى رأيت تحت سرتها خالا أسود، وإني أحسب أن زوجها يقتل ويلقى رأسه في حجرها. فطلقها معاوية وتزوجها النعمان بن بشير، فلما قتل أتى برأسه فألقى في حجرها سنة خمس وستين، وقال سليمان بن زير قتل بسلمية سنة ست وخمسين. وقال غيره: سنة خمس وستين، وقيل سنة ستين والصحيح ما ذكرناه.
وفيها توفى المسوّر بن مخرمة بن نوفل، صحابى صغير، أصابه حجر المنجنيق مع ابن الزبير بمكة وهو قائم يصلى في الحجر. [وهو من أعيان من قتل في حصار مكة وهو المسوّر بن مخرمة بن نوفل أبو عبد الرحمن الزهري، أمه عاتكة أخت عبد الرحمن بن عوف، له صحبة ورواية، ووفد على معاوية،