للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره أن يسير في طلب حبيش، فسار في طلبهم حتى لحقهم بالربذة فرمى يزيد بن سياه حبيشا بسهم فقتله، وقتل بعض أصحابه وهزم الباقون، وتحصن منهم خمسمائة في المدينة ثم نزلوا على حكم عباس ابن سهل فقتلهم صبرا، ورجع فلّهم إلى الشام [قال ابن جرير: ولما دخل يزيد بن سياه الاسوارى قاتل حبيش بن دلجة إلى المدينة مع عباس ابن سهل كان عليه ثياب بياض وهو راكب برذونا أشهب، فما لبث أن اسودت ثيابه ودابته مما يتمسح الناس به ومن كثرة ما صبوا عليه من الطيب والمسك.

وقال ابن جرير: وفي هذه السنة اشدت شوكة الخوارج بالبصرة، وفيها قتل نافع بن الأزرق وهو رأس الخوارج ورأس أهل البصرة، مسلم بن عبيس فارس أهل البصرة، ثم قتله ربيعة السلوطى وقتل بينهما نحو خمسة أمراء، وقتل في وقعة الخوارج قرة بن إياس المزني أبو معاوية، وهو من الصحابة. ولما قتل نافع بن الأزرق رأست الخوارج عليهم عبيد الله بن ماجور، فسار بهم إلى المدائن فقتلوا أهلها ثم غلبوا على الأهواز وغيرها، وجبوا الأموال وأتتهم الأمداد من اليمامة والبحرين، ثم ساروا إلى أصفهان وعليها عتاب بن ورقاء الرياحي، فالتقاهم فهزمهم، ولما قتل أمير الخوارج ابن ماجور كما سنذكر، أقاموا عليهم قطري بن الفجاءة أميرا] (١) ثم أورد ابن جرير قصة قتالهم مع أهل البصرة بمكان يقال له دولاب، وكانت الدولة للخوارج على أهل البصرة، وخاف أهل البصرة من الخوارج أن يدخلوا البصرة، فبعث ابن الزبير فعزل نائبها عبد الله بن الحارث المعروف بببّه، بالحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة المعروف بالقباع، وأرسل ابن الزبير المهلب بن أبى صفرة الأزدي على عمل خراسان، فلما وصل إلى البصرة قالوا له: إن قتال الخوارج لا يصلح إلا لك، فقال: إن أمير المؤمنين قد بعثني إلى خراسان، ولست أعصى أمره.

فاتفق أهل البصرة مع أميرهم الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة على أن كتبوا كتابا على لسان ابن الزبير إلى المهلب يأمره فيه بالمسير للخوارج ليكفهم عن الدخول إلى البصرة، فلما قرئ عليه الكتاب اشترط على أهل البصرة أن يقوى حبيشه من بيت مالهم، وأن يكون له ما غلب عليه من أموال الخوارج، فأجابوه إلى ذلك، ويقال إنهم كتبوا بذلك إلى ابن الزبير فأمضى لهم ذلك وسوّغه، فسار إليهم المهلب. وكان شجاعا بطلا صنديدا، فلما أراد قتال الخوارج أقبلوا إليه يزفون في عدة لم ير مثلها من الدروع والزرود والخيول والسلاح، وذلك أن لهم مدة يأكلون تلك النواحي، وقد صار لهم تحمل عظيم مع شجاعة لا تدانا، وإقدام لا يسامى، وقوة لا تجاري، وسبق إلى حومة الوغى فلما تواقف الناس بمكان يقال له سل وسل ابرى، اقتتلوا قتالا شديدا عظيما، وصبر كل من الفريقين


(١) سقط من المصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>