للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن طَلْحَةَ، وَبَعْثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ نَائِبًا عَلَيْهَا، وَبَعَثَ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ نَائِبًا عَلَى الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ الْمَخْزُومِيُّ إِلَى الْكُوفَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، خَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدَ الله بن الزبير أمرنى أن أسير في فيئكم بِسِيرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ. فقام إليه السائب بن مالك الشيعي فَقَالَ: لَا نَرْضَى إِلَّا بِسِيرَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّتِي سَارَ بِهَا فِي بِلَادِنَا، وَلَا نُرِيدُ سِيرَةَ عُثْمَانَ- وَتَكَلَّمَ فِيهِ- وَلَا سِيرَةَ عُمَرَ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ لِلنَّاسِ إِلَّا خَيْرًا، وَصَدَّقَهُ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ أُمَرَاءِ الشِّيعَةِ، فَسَكَتَ الْأَمِيرُ وَقَالَ: إِنِّي سَأَسِيرُ فِيكُمْ بِمَا تُحِبُّونَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَاءَ صَاحِبُ الشرطة وهو إياس بن مضارب البجلي إلى ابن مطيع فقال: إن هذا الّذي يرد عَلَيْكَ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ، وَلَسْتُ آمَنُ من المختار، فبعث إِلَيْهِ فَارْدُدْهُ إِلَى السِّجْنِ فَإِنَّ عُيُونِي قَدْ أَخْبَرُونِي أَنَّ أَمْرَهُ قَدِ اسْتَجْمَعَ لَهُ، وَكَأَنَّكَ به وقد وثب في المصر. فبعث إليه عبد الله ابن مُطِيعٍ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ وَأَمِيرًا آخَرَ مَعَهُ، فَدَخَلَا عَلَى الْمُخْتَارِ فَقَالَا لَهُ: أَجِبِ الْأَمِيرَ. فَدَعَا بِثِيَابِهِ وَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ دَابَّتِهِ، وَتَهَيَّأَ لِلذَّهَابِ مَعَهُمَا، فَقَرَأَ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ٨: ٣٠ الْآيَةَ. فَأَلْقَى الْمُخْتَارُ نَفْسَهُ وَأَمَرَ بِقَطِيفَةٍ أَنْ تُلْقَى عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَ أَنَّهُ مَرِيضٌ، وَقَالَ: أَخْبِرَا الْأَمِيرَ بِحَالِي، فَرَجَعَا إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ فَاعْتَذَرَا عنه، فصدقهما ولها عنه، فلما كان شهر الْمُحَرَّمُ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَزْمَ الْمُخْتَارُ عَلَى الخروج لطلب الأخذ بثأر الْحُسَيْنِ فِيمَا يَزْعُمُ، فَلَمَّا صَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ، وَثَبَّطُوهُ عَنِ الْخُرُوجِ الْآنَ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ، ثُمَّ أَنَفَذُوا طَائِفَةً مِنْهُمْ إلى محمد بن الحنفية يسألونه عن أمر المختار وما دعا إِلَيْهِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِهِ كَانَ مُلَخَّصُ مَا قَالَ لَهُمْ إِنَّا لَا نَكْرَهُ أَنْ يَنْصُرَنَا اللَّهُ بِمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وَقَدْ كَانَ المختار بلغه مخرجهم إلى محمد بن الْحَنَفِيَّةِ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَخَشِيَ أَنْ يُكَذِّبَهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ محمد بن الْحَنَفِيَّةِ، وَهَمَّ بِالْخُرُوجِ قَبْلَ رُجُوعٍ أُولَئِكَ، وَجَعَلَ يَسْجَعُ لَهُمْ سَجْعًا مِنْ سَجْعِ الْكُهَّانِ بِذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا سَجَعَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعُوا أَخْبَرُوهُ بِمَا قَالَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَوِيَ أَمْرُ الشِّيعَةِ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَقَدْ رَوَى أَبُو مِخْنَفٍ أَنَّ أُمَرَاءَ الشِّيعَةِ قَالُوا لِلْمُخْتَارِ: اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ أُمَرَاءِ الْكُوفَةِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ وَهُمْ أَلْبٌ عَلَيْنَا، وَإِنَّهُ إِنْ بَايَعَكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيُّ وَحَدَهُ أَغْنَانَا عَنْ جَمِيعِ مَنْ سِوَاهُ.

فَبَعَثَ إِلَيْهِ المختار جماعة يَدْعُونَهُ إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ فِي الْأَخْذِ بِثَأْرِ الْحُسَيْنِ، وَذَكَّرُوهُ سَابِقَةَ أَبِيهِ مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: قَدْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى مَا سَأَلْتُمْ، عَلَى أَنْ أَكُونَ أَنَا وَلِيَّ أَمْرِكُمْ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ، لِأَنَّ الْمَهْدِيَّ قد بعث لنا المختار وَزِيرًا لَهُ وَدَاعِيًا إِلَيْهِ، فَسَكَتَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَرَجَعُوا إِلَى الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرُوهُ، فَمَكَثَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ فَقَامَ إليه واحترمه وأكرمه وجلس إليه، فدعاه إِلَى الدُّخُولِ مَعَهُمْ، وَأَخْرَجَ لَهُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>