للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن كعب، وقال طاوس عن ابن عباس أنه قال: إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد من ثلاثين من أصحاب رسول الله . وقال مغيرة عن الشعبي قال: قيل لابن عباس: أنى أصبت هذا العلم؟ قال: بلسان سئول، وقلب عقول. وثبت عن عمر بن الخطاب أنه كان يجلس ابن عباس مع مشايخ الصحابة ويقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وكان إذا أقبل يقول عمر: جاء فتى الكهول، وذو اللسان السئول، والقلب العقول. وثبت في الصحيح أن عمر سأل الصحابة عن تفسير ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ﴾ فسكت بعض وأجاب بعض بجواب لم يرتضه عمر، ثم سأل ابن عباس عنها فقال: أجل رسول الله نعى إليه، فقال: لا أعلم منها إلا بما تعلم، وأراد عمر بذلك أن يقرر عندهم جلالة قدره، وكبير منزلته في العلم والفهم. وسأله مرة عن ليلة القدر فاستنبط أنها في السابعة من العشر الأخير فاستحسنه عمر واستجادة كما ذكرنا في التفسير.

وقد قال الحسن بن عرفة: حدثنا يحيى بن اليمان عن عبد الملك بن أبى سليمان عن سعيد بن جبير عن عمر أنه قال لابن عباس: لقد علمت علما ما علمناه، وقال الأوزاعي قال عمر لابن عباس:

إنك لأصبح فتياننا وجها، وأحسنهم عقلا، وأفقهم في كتاب الله ﷿. وقال مجاهد عن الشعبي عن ابن عباس قال قال لي أبى: إن عمر يدنيك ويجلسك مع أكابر الصحابة فاحفظ عنى ثلاثا، لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يجر بن عليك كذبا. قال الشعبي: قلت لابن عباس:

كل واحدة خير من ألف، فقال ابن عباس: بل كل واحدة خير من عشرة آلاف.

وقال الواقدي: حدثنا عبد الله بن الفضل بن أبى عبد الله عن أبيه عن عطاء بن يسار أن عمر وعثمان كانا يدعوان ابن عباس فيسير مع أهل بدر، وكان يفتى في عهد عمر وعثمان إلى يوم مات.

قلت: وشهد فتح إفريقية سنة سبع وعشرين مع ابن أبى سرح،

وقال الزهري عن على بن الحسين عن أبيه قال: نظر أبى إلى ابن عباس يوم الجمل يمشى بين الصفين، فقال: أقر الله عين من له ابن عم مثل هذا، وقد شهد مع على الجمل وصفين وكان أميرا على الميسرة، وشهد معه قتال الخوارج وكان ممن أشار على على أن يستنيب معاوية على الشام، وأن لا يعزله عنها في بادئ الأمر، حتى قال له فيما قال: إن أحببت عزله فوله شهرا واعزله دهرا، فأبى على إلا أن يقاتله، فكان ما كان مما قد سبق بيانه. ولما تراوض الفريقان على تحكيم الحكمين طلب ابن عباس أن يكون من جهة على ليكافئ عمرو بن العاص، فامتنعت مذحج وأهل اليمن إلا أن يكون من جهة على أبو موسى الأشعري، وكان من أمر الحكمين ما سلف. وقد استنابه على على البصرة، وأقام للناس الحج في بعض السنين فخطب بهم في عرفات خطبة وفسر فيها سورة البقرة، وفي رواية سورة النور، قال من سمعه: فسر ذلك تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا. وهو أول من عرّف بالناس في البصرة، فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>