يصبح، ويسجد ليله حتى يصبح. وقال بعضهم: ركع ابن الزبير يوما فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه. وقال عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء: كنت إذا رأيت ابن الزبير يصلى كأنه كعب راسب، وفي رواية ثابت. وقال أحمد: تعلم عبد الرزاق الصلاة من ابن جريج، وابن جريج من عطاء، وعطاء من ابن الزبير، وابن الزبير من الصديق، والصديق من رسول الله ﷺ. وقال الحميدي عن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن ابن المنكدر قال:
لو رأيت ابن الزبير يصلى كأنه غصن شجرة يصفقها الريح، والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا. قال سفيان: كأنه لا يبالي به ولا يعده شيئا. وحكى بعضهم لعمر بن عبد العزيز أن حجرا من المنجنيق وقع على شرفة المسجد فطارت فلقة منه فمرت بين لحية ابن الزبير وحلقه، فما زال عن مقامه ولا عرف ذلك في صورته، فقال عمر بن عبد العزيز: لا إله إلا الله، جاء ما وصفت. وقال عمر بن عبد العزيز يوما لابن أبى مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فقال: والله ما رأيت جلدا قط ركب على لحم ولا لحما على عصب ولا عصبا على عظم مثله، ولا رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفسه، ولقد مرت آجرة من رمى المنجنيق بين لحيته وصدره فو الله ما خشع ولا قطع لها قراءته، ولا ركع دون ما كان يركع، وكان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شيء إليها. ولقد كان يركع فيكاد الرخم أن يقع على ظهره ويسجد فكأنه ثوب مطروح.
وقال أبو القاسم البغوي عن على بن الجعد عن شعبة عن منصور بن زاذان قال: أخبرنى من رأى ابن الزبير يسرب في صلاته وكان ابن الزبير من المصلين. [وسئل ابن عباس عن ابن الزبير فقال:
كان قارئا لكتاب الله، متبعا لسنة رسول الله، قانتا لله صائما في الهواجر من مخافة الله، ابن حواري رسول الله، وأمه بنت الصديق، وخالته عائشة حبيبة حبيب الله، زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله] (١) وروى أن ابن الزبير كان يوما يصلى فسقطت حية من السقف فطوقت على بطن ابنه هاشم فصرخ النسوة وانزعج أهل المنزل واجتمعوا على قتل تلك الحية فقتلوها، وسلم الولد، فعلوا هذا كله وابن الزبير في الصلاة لم يلتفت ولا درى بما جرى حتى سلم. وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الخزامي وعبد الملك بن عبد العزيز ومن لا أحصى كثرة من أصحابنا أن ابن الزبير كان يواصل الصوم سبعا، يصوم يوم الجمعة ولا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة ولا يفطر إلا بمكة، ويصوم بمكة فلا يفطر إلا بالمدينة، وكان إذا أفطر أول ما يفطر على لين لقحة وسمن وصبر، وفي رواية أخرى فأما اللبن فيعصمه، وأما السمن فيقطع عنه العطش، وأما الصبر فيفتق الأمعاء. وقال ابن معين عن روح عن حبيب بن الشهيد عن ابن أبى مليكة قال: كان ابن