به كما ﴿قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ﴾ أي أختبرتم ولهذا قال ﴿تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ﴾ أي من شئت أضللته باختبارك إياه ومن شئت هديته * لك الحكم والمشيئة ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت ﴿أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ * وَاُكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ﴾ أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو العالية وإبراهيم التيمي والضحاك والسدي وقتادة وغير واحد وهو كذلك في اللغة. ﴿قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الأمور التي أخلقها وأقدرها ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ كما ثبت
في الصحيحين عن رسول الله ﷺ أنه قال (ان الله لما فرغ من خلق السموات والأرض كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش ان رحمتي تغلب غضبى ﴿فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ﴾ أي فسأوحيها حتما لمن يتصف بهذه الصفات ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾ الآية وهذا فيه تنويه بذكر محمد ﷺ وأمته من الله لموسى ﵇ في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه * وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع ولله الحمد والمنة. وقال قتادة قال موسى يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر رب اجعلهم أمتى قال تلك أمة أحمد. قال رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتى. قال تلك أمة أحمد. قال رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها وكان من قبلهم يقرءون كتابهم نظرا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه وان الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا عن الأمم قال رب اجعلهم أمتي قال تلك امة احمد قال رب إني أجد في الألواح امة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال تلك امة احمد. قال رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وان ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير وان الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم قال رب فاجعلهم أمتى. قال تلك أمة أحمد. قال رب فانى أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف قال رب اجعلهم أمتى قال تلك أمة احمد قال رب إني أجد في الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم فاجعلهم أمتى قال تلك أمة أحمد * قال قتادة فذكر لنا أن موسى ﵇ نبذ الألواح وقال اللهمّ اجعلني من أمة أحمد. وقد ذكر كثير من الناس ما كان من مناجاة موسى ﵇ وأوردوا أشياء كثيرة لا أصل لها ونحن نذكر ما تيسر ذكره من الأحاديث والآثار بعون الله وتوفيقه وحسن هدايته ومعونته وتأييده.