فقام رجل ثم قام آخر ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا، فقال: يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق، فان الشيطان قد باض فيهم وفرّخ، اللهمّ انهم قد لبسوا عليهم فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي، يحكم فيهم بحكم الجاهلية، لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم. وقد رويناه في كتاب مسند عمر بن الخطاب من طريق أبى عذبة الحمصي عن عمر مثله.
وقال عبد الرزاق: ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن الحسن قال على بن أبى طالب: اللهمّ كما ائتمنتهم فخانوني، ونصحت لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال، يأكل خضرتها، ويلبس فروتها، ويحكم فيها بحكم الجاهلية. قال يقول الحسن: وما خلق الحجاج يومئذ.
ورواه معتمر بن سليمان عن أبيه عن أيوب عن مالك بن أوس بن الحدثان عن على أنه قال: الشاب الذيال أمير المصرين يلبس فروتها ويأكل خضرتها، ويقتل أشراف أهلها، يشتد منه الفرق، ويكثر منه الأرق، ويسلطه الله على شيعته.
وقال الحافظ البيهقي في دلائل النبوة: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي: ثنا سعيد بن مسعود: ثنا يزيد بن هارون أنبأ العوام بن حوشب حدثني حبيب بن أبى ثابت. قال قال على لرجل: لا متّ حتى تدرك فتى ثقيف، قال: وما فتى ثقيف؟ قال: ليقالن له يوم القيامة: اكفنا زاوية من زوايا جهنم، رجل يملك عشرين سنة، أو بضعا وعشرين سنة، لا يدع لله معصية إلا ارتكبها، حتى لو لم يبق إلا معصية واحدة، وكان بينه وبينها باب مغلق لكسره حتى يرتكبها، يقتل بمن أطاعه من عصاه.
وقال الطبراني: حدثنا القاسم بن زكريا ثنا إسماعيل بن موسى السدوسي ثنا على بن مسهر عن الأجلح عن الشعبي عن أم حكيم بنت عمر بن سنان الجدلية قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي فرده قنبر فأدمى أنفه فخرج علي فقال: ما لك وله يا أشعث، أما والله لو بعبد ثقيف تحرشت لاقشعرت شعيرات استك، قيل له: يا أمير المؤمنين ومن عبد ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب إلا ألبسهم ذلا، قيل كم يملك؟ قال عشرين إن بلغ.
وقال البيهقي أنبأنا الحاكم أنبأ الحسن بن الحسن بن أيوب ثنا أبو حاتم الرازيّ ثنا عبد الله بن يوسف التنيسي ثنا ابن يحيى الغاني. قال قال عمر بن عبد العزيز: لو تخابثت الأمم فجاءت كل أمة بخبيثها، وجئنا بالحجاج لغلبناهم. وقال أبو بكر بن عياش: عن عاصم بن أبى النجود أنه قال:
ما بقيت لله ﷿ حرمة إلا وقد ارتكبها الحجاج.
وقد تقدم الحديث
«إن في ثقيف كذابا ومبيرا» وكان المختار هو الكذاب المذكور في هذا الحديث، وقد كان يظهر الرفض أولا ويبطن الكفر المحض، وأما المبير فهو الحجاج بن يوسف هذا، وقد كان ناصبيا يبغض عليا وشيعته في هوى آل مروان بنى أمية، وكان جبارا عنيدا، مقداما على سفك الدماء بأدنى شبهة. وقد روى عنه ألفاظ بشعة شنيعة ظاهرها الكفر كما قدمنا. فان كان