واجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل وان تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين علمت أن أحدا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل فقرب اليه فتناول الجمرتين فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا يده فقالت المرأة ألا ترى فصرفه الله عنه بعد ما كان هم به وكان الله بالغا فيه أمره. فلما بلغ أشده وكان من الرجال لم يكن أحد من آل فرعون يخلص الى أحد من بنى إسرائيل معه بظلم ولا سخرة حتى امتنعوا كل الامتناع. فبينما موسى ﵇ يمشى في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان أحدهما فرعوني والآخر إسرائيلي فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى غضبا شديدا لأنه تناوله وهو يعلم منزلته من بنى إسرائيل وحفظه لهم ما لم يطلع عليه غيره فوكز موسى الفرعوني فقتله وليس يراهما أحد إلا الله ﷿ والإسرائيلي فقال موسى حين قتل الرجل ﴿هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ﴾ ثم قال ﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ * فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ الاخبار فأتى فرعون فقيل له إن بنى إسرائيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا ولا ترخص لهم فقال ابغوني قاتله من يشهد عليه فان الملك وان كان صفوه مع قومه لا ينبغي له أن يقتل بغير بينة ولا ثبت فاطلبوا لي علم ذلك آخذ لكم بحقكم فبينما هم يطوفون لا يجدون بينة إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل رجلا من آل فرعون آخر فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى قد ندم على ما كان منه وكره الّذي رأى فغضب الإسرائيلي وهو يريد أن يبطش بالفرعوني فقال للاسرائيلى لما فعل بالأمس واليوم ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ فنظر الإسرائيلي الى موسى بعد ما قال له ما قال فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس الّذي قتل فيه الفرعوني فخاف أن يكون بعد ما قال له إنك لغويّ مبين أن يكون إياه أراد ولم يكن أراده انما أراد الفرعوني فخاف الإسرائيلي * وقال موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس وانما قال له مخافة أن يكون إياه أراد موسى ليقتله فتتاركا وانطلق الفرعوني فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس فأرسل فرعون الذباحين ليقتلوا موسى فأخذ رسل فرعون الطريق الأعظم يمشون على هينتهم يطلبون موسى وهم لا يخافون ان يفوتهم فجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة فاختصر طريقا حتى سبقهم الى موسى فأخبره. وذلك من الفتون يا ابن جبير فخرج موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء قبل ذلك وليس له بالطريق علم إلا حسن ظنه بربه ﷿ فإنه قال ﴿عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ * وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ﴾ يعنى بذلك حابستين غنمهما فقال لهما ﴿ما خَطْبُكُما﴾ معتزلتين لا تسقيان مع الناس قالتا ليس لنا قوة تزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم فسقى لهما فجعل يغرف من الدلو ماء كثيرا حتى كان أول الرعاء وانصرفتا بغنمهما الى أبيهما وانصرف موسى فاستظل بشجرة وقال ﴿رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ واستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا فقال ان لكما اليوم لشأنا فأخبرتاه بما