للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولم؟ قال: إنك إن عملت بها كنت أفضل من عمر، لأنه كان يجد على الخير أعوانا، وأنت لا تجد من يعينك على الخير. وقد روى أنه كان نقش خاتمه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفي رواية آمنت بالله، وفي رواية الوفاء عزيز. وقد جمع يوما رءوس الناس فخطبهم فقال: إن فدك كانت بيد رسول الله يضعها حيث أراه الله، ثم وليها أبو بكر وعمر كذلك، قال الأصمعي: وما أدرى ما قال في عثمان، قال: ثم إن مروان أقطعها فحصل لي منها نصيب، ووهبنى الوليد وسليمان نصيبهما، ولم يكن من مالي شيء أرده أغلى منها، وقد رددتها في بيت المال على ما كانت عليه في زمان رسول الله . قال: فيئس الناس عند ذلك من المظالم، ثم أمر بأموال جماعة من بنى أمية فردها إلى بيت المال وسماها أموال المظالم، فاستشفعوا إليه بالناس، وتوسلوا اليه بعمته فاطمة بنت مروان فلم ينجع فيه شيء، وقال لهم: لتدعنى وإلا ذهبت إلى مكة فنزلت عن هذا الأمر لأحق الناس به، وقال: والله لو أقمت فيكم خمسين عاما ما أقمت فيكم إلا ما أريد من العدل، وإني لأريد الأمر فما أنفذه إلا مع طمع من الدنيا حتى تسكن قلوبهم.

وقال الامام أحمد عن عبد الرزاق عن أبيه عن وهب بن منبه أنه قال: إن كان في هذه الأمة مهدي فهو عمر بن عبد العزيز، ونحو هذا قال قتادة وسعيد بن المسيب وغير واحد. وقال طاووس:

هو مهدي وليس به، إنه لم يستكمل العدل كله، إذا كان المهدي ثبت على المسيء من إساءته، وزيد المحسن في إحسانه، سمح بالمال شديد على العمال رحيم بالمساكين. وقال مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه قال: الخلفاء أبو بكر والعمران، فقيل له: أبو بكر وعمر قد عرفناهما فمن عمر الآخر؟ قال: يوشك إن عشت أن تعرفه، يريد عمر بن عبد العزيز، وفي رواية أخرى عنه أنه قال: هو أشج بنى مروان. وقال عباد السماك وكان يجالس سفيان الثوري -: سمعت الثوري يقول: الخلفاء خمسة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وعمر بن عبد العزيز. وهكذا روى عن أبى بكر بن عياش والشافعيّ وغير واحد. وأجمع العلماء قاطبة على أنه من أئمة العدل وأحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين. وذكره غير واحد في الأئمة الاثني عشر، الذين جاء فيهم الحديث الصحيح:

«لا يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى يكون فيهم اثنى عشر خليفة كلهم من قريش».

وقد اجتهد في مدة ولايته - مع قصرها - حتى رد المظالم، وصرف إلى كل ذي حق حقه، وكان مناديه في كل يوم ينادى: أين الغارمون؟ أين الناكحون؟ أين المساكين؟ أين اليتامى؟ حتى أغنى كلا من هؤلاء. وقد اختلف العلماء أيهم أفضل هو أو معاوية بن أبى سفيان؟ ففضل بعضهم عمر لسيرته ومعدلته وزهده وعبادته، وفضل آخرون معاوية لسابقته وصحبته، حتى قال بعضهم:

ليوم شهده معاوية من رسول الله خير من عمر بن عبد العزيز وأيامه وأهل بيته. وذكر ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>