وقال أطيعوا هارون فان الله قد استخلفه عليكم فانى ذاهب الى ربى وأجلهم ثلاثين يوما أن يرجع اليهم فيها فلما أتى ربه ﷿ وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما وقد صامهن ليلهن ونهارهن وكره أن يكلم ربه وريح فيه ريح فم الصائم فتناول موسى شيئا من نبات الأرض فمضغه فقال له ربه حين أتاه لم أفطرت وهو أعلم بالذي كان قال يا رب إني كرهت أن أكلمك الا وفمي طيب الريح. قال أو ما علمت يا موسى ان ريح فم الصائم أطيب من ريح المسك ارجع فصم عشرا ثم ائتني ففعل موسى ما أمره به ربه فلما رأى قوم موسى أنه لم يرجع اليهم في الأجل ساءهم ذلك وكان هارون قد خطبهم فقال إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم عواري وودائع ولكم فيها مثل ذلك وانا أرى ان تحتسبوا ما لكم عندهم ولا أحل لكم وديعة استودعتموها ولا عارية ولسنا برادين اليهم شيئا من ذلك ولا ممسكيه لأنفسنا فحفر حفيرا وأمر كل قوم عندهم من ذلك متاع أو حلية أن يقذفوه في ذلك الحفير. ثم أوقد عليه النار فأحرقه فقال لا يكون لنا ولا لهم * وكان السامري من قوم يعبدون البقر جيران لبني إسرائيل ولم يكن من بنى إسرائيل فاحتمل مع موسى وبنى إسرائيل حين احتملوا فقضى له أن رأى أثرا فقبض منه قبضة فمر بهارون فقال له هارون يا سامرى الا تلقى ما في يديك وهو قابض عليه لا يراه أحد طوال ذلك فقال هذه قبضة من أثر الرسول الّذي جاوز بكم البحر ولا ألقيها لشيء الا أن تدعو الله إذا ألقيتها أن يكون ما أريد فألقاها ودعا له هارون فقال أريد أن تكون عجلا فاجتمع ما كان في الحفرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد فصار عجلا أجوف ليس فيه روح له خوار قال ابن عباس لا والله ما كان فيه صوت قط إنما كانت الريح تدخل من دبره وتخرج من فيه فكان ذلك الصوت من ذلك فتفرق بنو إسرائيل فرقا فقالت فرقة يا سامرى ما هذا وأنت أعلم به قال هذا ربكم ولكن موسى أضل الطريق وقالت فرقة لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى فان كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حتى رأيناه وان لم يكن ربنا فانا نتبع قول موسى وقالت فرقة هذا من عمل الشيطان وليس بربنا ولا نؤمن به ولا نصدق واشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل وأعلنوا التكذيب به فقال لهم هارون ﵇ يا قوم إنما فتنتم به وان ربكم الرحمن ليس هذا قالوا فما بال موسى وعدنا ثلاثين يوما ثم اخلفنا. هذه أربعون يوما قد مضت قال سفهاؤهم اخطأ ربه فهو يطلبه ويبتغيه فلما كلم الله موسى وقال له ما قال أخبره بما لقي قومه من بعده فرجع الى قومه غضبان أسفا فقال لهم ما سمعتم ما في القرآن ﴿وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ﴾ وألقى الألواح من الغضب ثم إنه عذر أخاه بعذره واستغفر له فانصرف الى السامري فقال له ما حملك على ما صنعت قال قبضت ﴿قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ وفطنت لها وعميت عليكم ﴿فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي * قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَاُنْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً﴾ ولو كان إلها لم يخلص الى ذلك منه فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة واغتبط