للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال: حيّهلا يا أمير المؤمنين إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، إن نطق نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان، وأنا الّذي أقول

وجربت الأمور وجربتنى … وقد أبدت عريكتى الأمور

وما تخفى الرجال على أنى … بهم لأخو مثاقفة خبير

ترى الرجل النحيف فتزدريه … وفي أثوابه أسد زئير

ويعجبك الطرير فتختبره … فيخلف ظنك الرجل الطرير

وما هام الرجال لها بزين … ولكن زينها دين وخير

بغاث الطير أطولها جسوما … ولم تطل البزاة ولا الصقور

وقد عظم البعير بغير لب … فلم يستغن بالعظم البعير

فيركب ثم يضرب بالهراوى … ولا عرف لديه ولا نكير

وعود النبع ينبت مستمرا … وليس يطول والعضباء حور

وقد تكلم أبو الفرج بن طرار على غريب هذه الحكاية وشعرها بكلام طويل، قالوا: ودخل كثير عزة يوما على عبد الملك بن مروان فامتدحه بقصيدته التي يقول فيها: -

على ابن أبى العاصي دروع حصينة … أجاد المسدى سردها وأدالها

قال له عبد الملك: أفلا قلت كما قال الأعشى لقيس بن معديكرب: -

وإذا تجيء كتيبة ملمومة … شهبا يخشى الذائدون صيالها

كنت المقدم غير لابس جبة … بالسيف يضرب معلما أبطالها

فقال: يا أمير المؤمنين وصفه بالخرق ووصفتك بالحزم. ودخل يوما على عبد الملك وهو يتجهز للخروج إلى مصعب بن الزبير فقال: ويحك يا كثير، ذكرتك الآن بشعرك فان أصبته أعطيتك حكمك، فقال: يا أمير المؤمنين كأنك لما ودعت عاتكة بنت يزيد بكت لفراقك فبكى لبكائها حشمها فذكرت قولي:

إذا ما أراد الغزو لم تثن عزمه … حصان عليها نظم در يزينها

نهته فلما لم تر النهى عافه … بكت فبكى مما عراها قطينها

قال: أصبت فاحتكم، قال: مائة ناقة من نوقك المختارة، قال: هي لك، فلما سار عبد الملك إلى العراق نظر يوما إلى كثير عزة وهو مفكر في أمره فقال: عليّ به، فلما جيء به قال له: أرأيت إن أخبرتك بما كنت تفكر به تعطيني حكمي؟ قال: نعم، قال: والله؟ قال: والله، قال له عبد الملك إنك تقول في نفسك: هذا رجل ليس هو على مذهبي، وهو ذاهب إلى قتال رجل ليس هو على

<<  <  ج: ص:  >  >>