أعطانى ما أعطانى قال الله تعالى ردا عليه ما ذهب اليه ﴿أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ أي قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطاياهم من هو أشد من قارون قوة وأكثر أموالا وأولادا فلو كان ما قال صحيحا لم نعاقب أحدا ممن كان أكثر ما لا منه ولم يكن ماله دليلا على محبتنا له واعتنائنا به كما قال تعالى ﴿وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً﴾ وقال تعالى ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ * نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ﴾ وهذا الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا اليه من معنى قوله ﴿إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ وأما من زعم أن المراد من ذلك أنه كان يعرف صنعة الكيمياء أو أنه كان يحفظ الاسم الأعظم فاستعمله في جمع الأموال فليس بصحيح لان الكيمياء تخييل وصبغة لا تحيل الحقائق ولا تشابه صنعة الخالق والاسم الأعظم لا يصعد الدعاء به من كافر به وقارون كان كافرا في الباطن منافقا في الظاهر. ثم لا يصح جوابه لهم بهذا على هذا التقدير ولا يبقى بين الكلامين تلازم وقد وضحنا هذا في كتابنا التفسير ولله الحمد. قال الله تعالى ﴿فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ﴾ ذكر كثير من المفسرين أنه خرج في تجمل عظيم من ملابس ومراكب وخدم وحشم فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله وغبطوه بما عليه وله فلما سمع مقالتهم العلماء ذوو الفهم الصحيح الزهاد الألباء قالوا لهم ﴿وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً﴾ أي ثواب الله في الدار الاخرة خير وأبقى وأجل وأعلى قال الله تعالى ولا يلقاها إلا الصابرون أي وما يلقى هذه النصيحة وهذه المقالة وهذه الهمة السامية الى الدار الاخرة العلية عند النظر الى زهرة هذه الدنيا الدنية إلا من هدى الله قلبه وثبت فؤاده وأيد لبه وحقق مراده وما أحسن ما قال بعض السلف إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند حلول الشهوات. قال الله تعالى ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ﴾. لما ذكر تعالى خروجه في زينته واختياله فيها وفخره على قومه بها قال ﴿فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ﴾ كما
روى البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي ﷺ قال بينا رجل يجر إزاره إذ خسف به فهو يتجلجل في الأرض الى يوم القيامة. ثم رواه البخاري من حديث جرير بن زيد عن سالم عن أبى هريرة عن النبي ﷺ نحوه. وقد ذكر ابن عباس والسدي أن قارون أعطى امرأة بغيا مالا على أن تقول لموسى ﵇ وهو في ملأ من الناس إنك فعلت بى كذا وكذا فيقال إنها قالت له ذلك فارعد من الفرق وصلّى ركعتين. ثم أقبل عليها فاستحلفها من ذلك على ذلك وما حملك عليه فذكرت أن قارون هو الّذي حملها على ذلك واستغفرت الله وتابت اليه فعند ذلك خر موسى لله ساجدا ودعا الله على قارون فأوحى الله اليه انى قد أمرت الأرض أن تطيعك فيه فامر موسى الأرض أن تبتلعه وداره فكان ذلك فالله أعلم وقد قيل إن قارون لما خرج على قومه في زينته مر