فكسره وقتله، وأنه يفرح بما يفد إليه من الأموال، وهو بما خرج من يده أفرح وأشد سرورا، فأثنى عليه أسد وأجلسه، ثم فرق أسد جميع تلك الهدايا والأموال وما هناك أجمع على الأمراء والأكابر بين يديه، حتى لم يبق منه شيء، ثم قام من مجلسه وهو عليل من تلك الدبيلة، ثم أفاق إفاقة وجيء بهدية كمثرى فجعل يفرقها على الحاضرين واحدة واحدة، فألقى إلى دهقان خراسان واحدة فانفجرت دبيلته وكان فيها حتفه، واستخلف على عمله جعفر بن حنظلة البهراني، فمكث أميرا أربعة أشهر حتى جاء عهد نصر بن سيار في رجب منها، فعلى هذا تكون وفاة أسد في صفر من هذه السنة، وقد قال فيه ابن عرس العبديّ يرثيه:
نعى أسد بن عبد الله ناع … فريع القلب للملك المطاع
ببلخ وافق المقدار يسرى … وما لقضاء ربك من دفاع
فجودي عين بالعبرات سحا … ألم يحزنك تفريق الجماع
أتاه حمامه في جوف ضيع … وكم بالضيع من بطال شجاع
أتاه حمامه في جوف صيغ … وكم بالصيغ من بطل شجاع
كتائب قد يجيبون المنادي … على جرد مسومة سراع
سقيت الغيث إنك كنت غيثا … مريعا عند مرتاد النجاع
وفيها عزل هشام خالد بن عبد الله القسري عن نيابة العراق، وذلك أنه انحصر منه لما كان يبلغه من إطلاق عبارة فيه، وأنه كان يقول عنه ابن الحمقاء، وكتب إليه كتابا فيه غلظة، فرد عليه هشام ردا عنيفا، ويقال إنه حسده على سعة ما حصل له من الأموال والحواصل والغلات، حتى قيل إنه كان دخله في كل سنة ثلاثة عشر ألف ألف دينار، وقيل درهم، ولولده يزيد بن خالد عشرة آلاف ألف، وقيل إنه وفد إليه رجل من ألزام أمير المؤمنين من قريش يقال له ابن عمرو، فلم يرحب به ولم يعبأ به، فكتب إليه هشام يعنفه ويبكته على ذلك، وأنه حال وصول هذا الكتاب إليه يقوم من فوره بمن حوله من أهل مجلسه فينطلق على قدميه حتى يأتى باب ابن عمرو صاغرا ذليلا مستأذنا عليه، متنصلا إليه مما وقع، فأن أذن لك وإلا فقف على بابه حولا غير متحلل من مكانك ولا زائل، ثم أمرك إليه إن شاء عزلك وإن شاء أبقاك، وإن شاء انتصر، وإن شاء عفا. وكتب إلى ابن عمرو يعلمه بما كتب إلى خالد، وأمره إن وقف بين يديه أن يضربه عشرين سوطا على رأسه، إن رأى ذلك مصلحة. ثم إن هشاما عزل خالدا وأخفى ذلك، وبعث البريد إلى نائبة على اليمن وهو يوسف ابن عمر فولاه إمرة العراق، وأمره بالمسير إليها والقدوم عليها في ثلاثين راكبا، فقدموا الكوفة وقت السحر، فدخلوها، فلما أذن المؤذن أمره يوسف بالإقامة: فقال: إلى أن يأتى الإمام - يعنى خالدا -