للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ هذا لفظه في بدء الخلق ورواه في التفسير * وفي التوحيد من حديث الأعمش أيضا ورواه مسلم في الايمان من طريق الأعمش ومن طريق يونس بن عبيد وأبو داود من طريق الحكم بن عتبة كلهم عن إبراهيم بن يزيد بن شريك عن أبيه عن أبى ذر به نحوه. وقال الترمذي حسن صحيح * إذا علم هذا فإنه حديث لا يعارض ما ذكرناه من استدارة الأفلاك التي هي السموات على أشهر القولين ولا يدل على كرية العرش كما زعمه زاعمون. قد أبطلنا قولهم فيما سلف ولا يدل على أنها تصعد الى فوق السموات من جهتنا حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن أعيننا وهي مستمرة في فلكها الّذي هي فيه وهو الرابع فيما قاله غير واحد من علماء التفسير. وليس في الشرع ما ينفيه بل في الحس وهو الكسوفات ما يدل عليه ويقتضيه فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه وهو وقت نصف الليل مثلا في اعتدال الزمان بحيث يكون بين القطبين الجنوبي والشمالي فإنها تكون أبعد ما يكون من العرش لانه مقبب من جهة وجه العالم وهذا محل سجودها كما يناسبها كما أنها أقرب ما تكون من العرش وقت الزوال من جهتنا فإذا كانت في محل سجودها استأذنت الرب في طلوعها من الشرق فيؤذن لها فتبدو من جهة الشرق وهي مع ذلك كارهة لعصاة بنى آدم أن تطلع عليهم ولهذا قال أمية تأبى فلا تبدو لنا في رسلها * الا معذبة والا تجلد * فإذا كان الوقت الّذي يريد الله طلوعها من جهة مغربها تسجد على عادتها وتستأذن في الطلوع من عادتها فلا يؤذن لها فجاء أنها تسجد أيضا ثم تستأذن فلا يؤذن لها ثم تسجد فلا يؤذن لها وتطول تلك الليلة كما ذكرنا في التفسير، فتقول يا رب ان الفجر قد اقترب وان المدى بعيد فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فإذا رآها الناس آمنوا جميعا وذلك حين لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا، وفسروا بذلك قوله تعالى ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها﴾ قيل لوقتها الّذي تؤمر فيه تطلع من مغربها * وقيل مستقرها موضعها الّذي تسجد فيه تحت العرش * وقيل منتهى سيرها وهو آخر الدنيا. وعن ابن عباس أنه قرأ «والشمس تجرى لا مستقر لها» أي ليست تستقر فعلى هذا تسجد وهي سائرة. ولهذا قال تعالى ﴿لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ أي لا تدرك الشمس القمر فتطلع في سلطانه ودولته ولا هو أيضا ولا الليل سابق النهار اى ليس سابقه بمسافة يتأخر ذاك عنه فيها بل إذا ذهب النهار جاء الليل في اثره متعقبا له كما قال في الآية الأخرى ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ وقال تعالى ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً﴾ أي يخلف هذا لهذا وهذا لهذا كما

قال رسول الله «إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت

<<  <  ج: ص:  >  >>