للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِطُنِّ قَصَبٍ فَأَضْرَمُوا فِيهِ نَارًا ثُمَّ قَالَ للمغيرة: اعتنقه، فأبى، فعدا رجل من أصحابه فَاعْتَنَقَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَرَأَيْتُ النَّارَ تَأْكُلُهُ وَهُوَ يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ. قَالَ خَالِدٌ: هَذَا وَاللَّهِ أحق بالرياسة مِنْكَ. ثُمَّ قَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: أُتِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِرَجُلٍ تَنَبَّأَ بِالْكُوفَةِ فَقِيلَ لَهُ مَا عَلَامَةُ نُبُوَّتِكَ؟ قَالَ: قد نزل على قرآن، قال: إنا أعطيناك الكماهر، فَصْلِ لِرَبِّكَ وَلَا تُجَاهِرْ، وَلَا تُطِعْ كُلَّ كَافِرٍ وَفَاجِرْ. فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ فَقَالَ وَهُوَ يُصْلَبُ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْعَمُودْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ عَلَى عود، فأنا ضامن لك ألا تَعُودْ.

وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: أُتِيَ خَالِدٌ بِشَابٍّ قَدْ وجد في دار قوم وادعى عليه السرقة، فسأله فاعترف فأمر بقطع يده فتقدمت حسناء فقالت:

أخالد قد أوطأت والله عثرة ... وَمَا الْعَاشِقُ الْمِسْكِينُ فِينَا بِسَارِقِ

أَقَرَّ بِمَا لَمْ يَجْنِهِ غَيْرَ أَنَّهُ ... رَأَى الْقَطْعَ أُولَى مِنْ فَضِيحَةِ عَاشِقِ

فَأَمَرَ خَالِدٌ بِإِحْضَارِ أَبِيهَا فزوجها من ذلك الغلام وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ:

دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى خَالِدٍ فَقَالَ: إِنِّي قَدِ مدحتك بِبَيْتَيْنِ وَلَسْتُ أَنْشُدُهُمَا إِلَّا بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَخَادِمٍ، فقال: نعم! فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

لَزِمْتَ نَعَمْ حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ مِنَ الْأَشْيَاءِ شَيْئًا سِوَى نَعَمْ

وَأَنْكَرْتَ لَا حَتَّى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ... سَمِعْتَ بِهَا فِي سَالِفِ الدَّهْرِ وَالْأُمَمْ

قَالَ: فَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَخَادِمٍ يَحْمِلُهَا. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ لَهُ: سَلْ حَاجَتَكَ فقال: مائة ألف. فقال: أكثرت حط منها. قال: أضع تسعين ألفا، فَتَعْجَّبَ مِنْهُ خَالِدٌ فَقَالَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ سَأَلْتُكَ عَلَى قَدْرِكَ وَوَضَعْتُ عَلَى قَدْرِي، فَقَالَ لَهُ: لن تغلبني أبدا، وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ، قَالَ:

وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قُلْتُ فِيكَ شِعْرًا وَأَنَا أَسْتَصْغِرُهُ فِيكَ، فَقَالَ: قُلْ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

تَعَرَّضْتَ لِي بِالْجُودِ حَتَّى نَعَشْتَنِي ... وَأَعْطَيْتَنِي حَتَّى ظَنَنْتُكَ تَلْعَبُ

فَأَنْتَ النَّدَى وَابْنُ النَّدَى وَأَخُو النَّدَى ... حَلِيفُ النَّدَى مَا للنَّدَى عَنْكَ مَذْهَبُ

فقال: سل حاجتك. قال: على خمسون ألف دينار، فقال: قد أمرت لك بها وأضعفتها لَكَ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ أَلْفٍ. قَالَ أَبُو الطِّيبِ محمد بن إسحاق بن يحيى الوساى: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ

فَأَنْشَدَهُ كَتَبْتَ نَعَمْ بِبَابِكَ فَهِيَ تَدْعُو ... إِلَيْكَ النَّاسَ مُسْفِرَةَ النقاب

وقلت لا عَلَيْكِ بِبَابِ غَيْرِي ... فَإِنَّكِ لَنْ تُرَيْ أَبَدًا بِبَابِي

قَالَ فَأَعْطَاهُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ خَمْسِينَ أَلْفًا. وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ رَجُلُ سُوءٍ يَقَعُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ خَالِدًا حَفَرَ بِئْرًا بِمَكَّةَ ادَّعَى فَضْلَهَا عَلَى زَمْزَمَ، وَلَهُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>