لهم، وبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وكبر ستا في الأولى قبل القراءة، لا أربعا. وخمسا في الثانية لا ثلاثا، خلافا لهم. وابتدأ الخطبة بالذكر والتكبير وختمها بالقراءة، وانصرف الناس من صلاة العيد وقد أعد لهم أبو مسلم طعاما فوضعه بين أيدي الناس، وكتب إلى نصر بن سيار كتابا بدأ فيه بنفسه ثم قال إلى نصر بن سيار. بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد فان الله غير أقواما في كتابه فقال ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ﴾ إلى قوله ﴿تَحْوِيلاً﴾ فعظم على نصر أن قدم اسمه على اسمه، وأطال الفكر، وقال: هذا كتاب له جواب.
قال ابن جرير: ثم بعث نصر بن سيار خيلا عظيمة لمحاربة أبى مسلم، وذلك بعد ظهوره بثمانية عشر شهرا، فأرسل أبو مسلم إليهم مالك بن الهيثم الخزاعي، فالتقوا، فدعاهم مالك إلى الرضا عن آل رسول الله ﷺ فأبوا ذلك، فتصافوا من أول النهار إلى العصر، فجاء إلى مالك مدد فقوى فظفر بهم مالك، وكان هذا أول موقف اقتتل فيه جند بنى العباس وجند بنى أمية.
وفي هذه السنة غلب خازم بن خزيمة على مروالروذ وقتل عاملها من جهة نصر بن سيار، وهو بشر بن جعفر السعدي، وكتب بالفتح إلى أبى مسلم، وكان أبو مسلم إذ ذاك شابا حدثا قد اختاره إبراهيم لدعوتهم. وذلك لشهامته وصرامته، وقوة فهمه وجودة ذهنه، وأصله من سواد الكوفة، وكان مولى لإدريس بن معقل العجليّ، فاشتراه بعض دعاة بنى العباس بأربعمائة درهم، ثم أخذه محمد بن على ثم آل ولاؤه لآل العباس، وزوجه إبراهيم الامام بابنة أبى النجم إسماعيل بن عمران، وأصدقها عنه وكتب إلى دعاتهم بخراسان والعراق أن يسمعوا منه، فامتثلوا أمره، وقد كانوا في السنة الماضية قبل هذه السنة ردوا عليه أمره لصغره فيهم، فلما كانت هذه السنة أكد الامام كتابه إليهم في الوصاة به وطاعته، وكان في ذلك الخير له ولهم ﴿وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً﴾ ولما فشا أمر أبى مسلم بخراسان تعاقدت طوائف من العرب الذين بها على حربه ومقاتلته، ولم يكره الكرماني وشيبان لأنهما خرجا على نصر وأبو مسلم مخالف لنصر كحالهما، وهو مع ذلك يدعو إلى خلع مروان الحمار، وقد طلب نصر من شيبان أن يكون معه على حرب أبى مسلم، أو يكف عنه حتى يتفرغ لحربه، فإذا قتل أبا مسلم عادا إلى عداوتهما، فأجابه إلى ذلك، فبلغ ذلك أبا مسلم فبعث إلى الكرماني يعلمه بذلك فلام الكرماني شيبان على ذلك، وثناه عن ذلك، وبعث أبو مسلم إلى هراة النضر بن نعيم فأخذها من عاملها عيسى بن عقيل الليثي، وكتب إلى أبى مسلم بذلك، وجاء عاملها إلى نصر هاربا، ثم إن شيبان وادع نصر بن سيار سنة على ترك الحرب بينه وبينه، وذلك عن كره من الكرماني، فبعث ابن الكرماني إلى أبى مسلم إني معك على قتال نصر، وركب أبو مسلم في خدمة الكرماني فاتفقا على حرب نصر ومخالفته، وتحول أبو مسلم إلى موضع فسيح وكثر جنده وعظم جيشه، واستعمل على الحرص والشرط