للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَاحِيَةِ الْبَابِ الصَّغِيرِ بَسَّامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ أُبِيحَتْ دِمَشْقَ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ قُتِلَ بِهَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ نَحْوًا مِنْ خمسين ألفا.

[وذكر ابن عساكر في ترجمة عبيد بْنِ الْحَسَنِ الْأَعْرَجِ مِنْ وَلَدِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ فِي حِصَارِ دِمَشْقَ، أَنَّهُمْ أَقَامُوا مُحَاصِرِيهَا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ مِائَةُ يَوْمٍ، وَقِيلَ شَهْرًا وَنِصْفًا، وَأَنَّ الْبَلَدَ كَانَ قَدْ حَصَّنَهُ نَائِبُ مَرْوَانَ تَحْصِينًا عَظِيمًا، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ أَهْلُهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ الْيَمَانِيَةِ وَالْمُضَرَيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْفَتْحِ، حَتَّى إِنَّهُمْ جَعَلُوا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ مِحْرَابَيْنِ لِلْقِبْلَتَيْنِ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مِنْبَرَيْنِ، وَإِمَامَيْنِ يَخْطُبَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرَيْنِ، وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ مَا وَقَعَ، وَغَرِيبِ مَا اتَّفَقَ، وَفَظِيعِ مَا أُحْدِثَ بِسَبَبِ الْفِتْنَةِ وَالْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ والعافية. وقد بسط ذلك ابن عساكر في هذه التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَذَكَرَ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّوْفَلِيِّ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ أَوَّلَ مَا دخل دمشق، دخلها بالسيف، وأباح القتل فيها ثلاث ساعات، وجعل جامعها سبعين يوما اسطبلا لِدَوَابِّهِ وَجِمَالِهِ، ثُمَّ نَبَشَ قُبُورَ بَنِي أُمَيَّةَ فَلْمْ يَجِدْ فِي قَبْرِ مُعَاوِيَةَ إِلَّا خَيْطًا أَسْوَدَ مِثْلَ الْهَبَاءِ، وَنَبَشَ قَبْرَ عَبْدِ الْمَلِكِ بن مروان فوجد جمجمة، وكان يجد في القبر العضو بعد العضو، إلا هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ وَجَدَهُ صَحِيحًا لم يبل منه غير أرنبة أنفقه، فَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ وَهُوَ مَيِّتٌ وَصَلَبَهُ أَيَّامًا ثُمَّ أحرقه ودق رماده ثم ذره فِي الرِّيحِ، وَذَلِكَ أَنَّ هِشَامًا كَانَ قَدْ ضَرَبَ أَخَاهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، حِينَ كَانَ قد اتهم بِقَتْلِ وَلَدٍ لَهُ صَغِيرٍ، سَبْعَمِائَةِ سَوْطٍ، ثُمَّ نَفَاهُ إِلَى الْحُمَيْمَةِ بِالْبَلْقَاءِ. قَالَ: ثُمَّ تَتَبَّعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ بَنِي أُمَيَّةَ مِنْ أَوْلَادِ الْخُلَفَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ واحد اثنين وتسعين ألفا عِنْدَ نَهْرٍ بِالرَّمْلَةِ، وَبَسَطَ عَلَيْهِمُ الْأَنْطَاعَ وَمَدَّ عليهم سماطا فأكل وهم يختلجون تحته، وهذا من الجبروت والظلم الّذي يجازيه الله عليه، وقد مضى ولم يدم له ما أراده ورجاه، كما سيأتي في ترجمته. وَأَرْسَلَ امْرَأَةَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهِيَ عَبْدَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ صَاحِبَةُ الْخَالِ، مَعَ نَفَرٍ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ إلى البرية ماشية حافية حاسرة عن وجهها وجسدها عن ثيابها ثم قتلوها. ثم أحرق ما وجده من عظم ميت منهم. وأقام بها عبد الله خمسة عشر يوما] [١] وَقَدِ اسْتَدْعَى بِالْأَوْزَاعِيِّ فَأُوقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ له: يا أبا عمر وما تقول في هذا الّذي صنعناه؟

قال فقلت لَهُ: لَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبراهيم عن علقمة عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ الأوزاعي: وانتظرت رأسي أن يَسْقُطُ بَيْنَ رِجْلَيَّ ثُمَّ أُخْرِجْتُ، وَبَعَثَ إِلَيَّ بمائة دينار. ثم سار


[١] سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>