وَهَذَا مُنْكَرٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا شَكَّ أن بنى العباس كان السواد من شعارهم، أخذوا ذَلِكَ مِنْ دُخُولِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ عمامة سوداء، فأخذوا بذلك وجعلوه شعارهم في الأعياد والجمع وَالْمَحَافِلِ. وَكَذَلِكَ كَانَ جُنْدُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْءٌ مِنَ السَّوَادِ، وَمِنْ ذلك الشر بوش الّذي يلبسه الأمراء إذا خلع عليهم. وكذلك دخل عبد الله بن على دمشق يوم دخلها وعليه السواد، فجعل النساء والغلمان يَعْجَبُونَ مِنْ لِبَاسِهِ، وَكَانَ دُخُولُهُ مِنْ بَابِ كيسان. وقد خطب الناس يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى بِهِمْ وَعَلَيْهِ السَّوَادُ. وَقَدْ روى ابن عساكر عن بعض الخراسانية قال: لما صلى عبد الله بن على بالناس يوم الجمعة صلى إلى جانبي رجل فقال: الله أكبر، سبحانك اللَّهمّ ويحمدك وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، انظروا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ مَا أَقْبَحَ وجهه وأشنع سواده؟! وشعارهم إلى يومك هذا كما تراه على الخطباء يوم الجمعة والأعياد.